تريّث، وأحسن الظن..
بدرية بنت حمد السيابية
عندما تكون الأنظار متجهةإليك في مكان ما، ألا تسأل نفسك لماذا يحدقون هكذا كلما مررت من جانبهم؟! حينها تسمع صوتا خفيا في عقلك يقول: “امضِ ولا تبالِ لهم؛ فهذه عيونهم وليس لديّ سلطة عليهم!!”. نقف قليلًا عند هذا الظن أو ما ترجمه عقلك، وهذا ما يحدث مع الغالبية؛ حتى في ممارسة حياتهم اليومية.
تقول لي إحدى الصديقات: “في يوم ما كانت تتسوق في إحدى المولات في العاصمة، وبعد الانتهاء من التسوق توجهت إلى مواقف السيارات، وإذا بشاب ينزل من المقعد الخلفي، تقول: كان ينظر إليها وكأنه ليس في ذاكَ المكان إلا أنا. اقتربتُ منه قليلًا وسألته: لماذا تحدق إليّ هكذا؟ ألم ترَ فتاة من قبل؟!”. وكان الشاب في ذهول، وصمت فرد عليها الشاب وهو يبتسم ثم قال: “لا تسيئ الظن بي يا أختاه، فأنا شاب كفيف لا أَرى، وسقطت عصايَ من يدي”. فنظرت إلى الأرض وكان كلامه صحيحا، أحسّت صديقتي بالحزن على نفسها؛ أولا، لأنها تسرعت في حكمها وحزنت لهذا الشاب الخلوق فأخذت عصاه من الأرض وناولته إياها، واعتذرت منه ومضى في طريقه. هذه بعض من المواقف والشواهد التي تصادفنا في بعض الأحيان.
وغالبًا ما يجعلنا سوء الفهم أو التسرع في الحكم على الآخرين مذنبين من غير قصد، وربما يكون من ينقل لك الخبر غير متأكد منه وغير صحيح؛ ولذلك يجب التريث والتأكد حتى تتضح الصورة بالكامل، وحتى لا نلوم أنفسنا بعد فوات الأوان، فكم من موقف هدم علاقات كثيرة بين الأصدقاء، والأزواج، والجيران، وغيرهم كثير من فئات المجتمع.
وكذا الحال فيما يتعلق بصحتنا، فعلى سبيل المثال؛ عندما يذهب الشخص إلى الطبيب يوسوس ويقول في نفسه “أكيد في جسدي شيء من الأمراض الخطيرة”، وبالتالي هذا الأمر يؤثر على صحته. عليه نقول لأمثال هؤلاء؛ تريّث، ولا تستعجل حتى تعلن لك نتائج فحوصاتك وثق بالله ولا تسيئ الظن به.
وفي الختام، علينا أن لا نستعجل في الحكم، ويجب أن نفرق بين الظن الحسن والظن السيئ.