لك الله يا غزة الإباء
راشد بن حميد الراشدي
إعلامي وعضو مجلس إدارة
جمعية الصحفيين العمانية
ما يحدث في غزة شيء لا يصدقه عقل، ولا يسمح به عاقل، فهو أقوى من إمكانيات فئة قليلة تدافع عن عزتها وكرامتها، أمام جيوش جرارة تساندها آليات وإمكانيات ضخمة تحرق وتدك كل شيء أمامها بلا حسيب أو رقيب، وكأننا نعيش في كوكب آخر، وبأخلاق الغابة وقوانين وحوشها، التي لا ترى فيها ولا تحكم إلا بغرائزها، فيفتك القوي بالضعيف بلا رادع أو رقيب.
اليوم نقول أولا: لك الله يا غزة الإباء، والعزة، والفخر وأنت تستبسلين، وتضربين أروع مُثل الكرامة والعزة أمام العالم أجمع.
ونقول لكل العالم الصامت على مجازر الغزاة الغاشمين وللمتآمرين عليها: أخزاكم الله وأذلكم؛ لما ترون من جرم عدو متصهين، وجزّار متكبر ، قاتل للأطفال والشيوخ والنساء من المدنيين والعزل، ولا صوت، ولا فعل يوقفه عند حده سوى أصوات الحبلى التي لا تصل إلا تحت أقدامها من استنكارات، وشجب، وكلمات بدون أفعال الرجال.
والأمة العربية والإسلامية صامتة خانعة خائفة على عروشها، بينما قوى الشر تعلن جريمتها أمام الملأ علناً جهاراً نهاراً، مدعومة بجنودها، وأساطيلها، ومالها، وإمكانياتها، ونحن لم نستطع حتى إغاثة المنكوبين، وإدخال قطرة ماء، أو طعام، أو دواء إلا بإذنها، وعبر حدود ومعابر عربية مع تقديمنا لهم واجب الحراسة لحدودهم من كل مقاوم مؤمن بالله، يريد أن يجاهد في سبيله، فأي هوان، وأي ذل وصلت إليه الأمة؟! وأي انحطاط وخذلان سيسطره التاريخ لأمة ضحكت من جهلها الأمم؟! وكيف سيكون لقاءنا مع الله، ومع إخواننا الشهداء عند العرض؟! يوم لا ينفع مال ولا بنون، وكيف سنبرر موقفنا وإخواننا يُقتلون أمام أعيننا؟! فلا فتح ولا نصر إلا بتمسكنا بدين الله القويم، واعتصامنا بحبل الله المتين، ونصرة إخواننا في فلسطين.
لك الله يا غزة، والعالم أجمع يشاهد فظائع لم تمر على البشرية منذ قرون، من إبادة، وقتل، وتجويع، وترويع بمختلف الوسائل الوحشية، التي لا تقدم عليها حتى الأنعام، فالرحمة قتلت في قلوب الأمة العربية والإسلامية، قبل أن تقتل في قلوب الأمم الأخرى، وإلا فما معنى ما نراه اليوم من قتل، وسحق، وتدمير، وتهجير، وظلم؟! والجميع يشاهد بصمت، وكأنه شيء لا يعني أحدا.
لك الله يا غزة، وأنت تُدكين بأقوى القنابل والأسلحة الفتاكة منذ ٢٦ يوماً، والجميع مكتوف الأيدي بلا حراك، كأنهم خشب مسندة.
فتحية إجلال، وعزة، وتقدير، أوجهها إلى البواسل الصامدين المؤمنين بأن النصر قادم من عند الله، وبصدقكم بما عاهدتم الله عليه.
قال تعالى : (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) {الأحزاب23}
ونداء أوجهه قبل فوات الأوان إلى الأمة العربية والإسلامية، والأمم الأخرى بكل مكوناتها من شعوب وحكام، انصروا قضية شعب اُغتصبت أرضه، وهتك عرضه، وتناوشته ذئاب متوحشة، وقطعان آثمة، فالساحة لا زالت تنتظر أفعال الرجال، وحراك الضمير العالمي وصحوته، فقد بلغ السيل الزبى بأفعال اليهود – قاتلهم الله وأخزاهم ومزقهم شر ممزق –
اليوم ومع هذا القدر المحتوم لخنوع الأمم وتغافلها عن نصرة الحق ومحاربة الباطل أقول: لك الله يا غزة، وليس لك أحد سواه، وسينصرك الله بيد أبنائك البررة الذين باعوا أرواحهم لله ووطنهم، فإما النصر أو الشهادة، وسيجزيهم الله بصدق فعالهم جنات النعيم.
فاللهم انصر الإسلام والمسلمين، ودمر الكافرين، واجعل كيدهم وسهامهم في نحورهم، وأيقظ الأمة من سباتها، فقد حانت لحظة العمل، ولحطة الانتصار والقضاء على اليهود وكل ظالم متكبر كفار ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فعلى الله توكلنا، فافرق بيننا وبين القوم الظالمين.