فلسطين تُعلمك
وداد بنت عبدالله الجابرية
تأخذني آياتُ الرحمن لتأمّلٍ وتفكُّرٍ في حال شهداء فلسطين، قال العلي العظيم {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ}
[ سورة يوسف : 111 ]
تأملتُ كثيراً، ما هي العبرة من قصة البلاء الذي حصل على أرض الله المقدسة “فلسطين”، فقد كثُرَ الشهداء من كل الفئات، أطفال وشُبّان وكبار السن، فهناك أطفالٌ أرسلوا رسالة للأمة الإسلامية قبل رحيلهم، فمنهم من جعل لسانه يردد البسملة لتفيض روحه إلى بارئها، وهناك من يلقّن الشهادة لأخيه، وهناك من فقد والديه ليحمل مسؤولية رعيه لإخوته على الرغم من صغر سنه، وبينما أعُيد سيناريو الأحداث، وأكرر النظر للشهداء، ليتردد ذلك السؤال: هل فعلاً كلام الصحفيين صحيح بأنهم أموات؟
فإن رب العزة قال:
{وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ}
[ سورة البقرة : 154 ].
فالجواب: إنهم أحياءٌ عند ربهم، عندما صمدوا وثبتوا لتحرير بلادهم من كيد العدو، والحفاظ على بيت من بيوت الرحمن، كانوا على يقين بأن تعبهم وجهدهم لن يضيع، لأن يقينهم قوي بالعزيز الكريم، فحينما أطلق العدو عليهم الرصاص لتنفصل أرواحهم عن أجسادهم، أكرمهم الغني بكرامات الدنيا قبل الآخرة، فالأجساد رغم تلك الدماء، إلا أن رائحة المسك تنبعث منها، ليتمنى البعيد أن يكون هو الشهيد.
وأما الأرواح فإنها حلّقت إلى السماء لتنعم بجنات النعيم المعدة لهم، إنها “جنان الرحمن” التي أعدها لعباده الصالحين، فإن المتقين بالعزيز الغفور، حينما سلموا أرواحهم لأجل حفظ بيتِ الرحمن، فإنهم الآن يعيشون في ذلك النعيم، فلباسهم من سندس، وطعامهم مما يشتهون، إنهم على الأرائك يجلسون، وبالحور العين يتزوجون، وبخيام من لؤلؤ يسكنون، { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ (57) }
[ سورة يس : 56 إلى 57 ]
{ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }
[ سورة الواقعة : 20 إلى 24 ]