من أجمل ما قيل في المدح: وهل يخفى القمر؟
درويش بن سالم الكيومي
يُقال: للجمال قصة، ويقال للقمر: حكاية لا تنتهي أبداً هي من أجمل الحكايات القمرية، بحيث إنها تتميز بذلك الإبداع الذي يحرك مشاعر القلب البشريّ ويسعده من الداخل، فكيف هي ليلة القمر مساءً؟ يتخلله غروب وضوءٍ يروّض الجوارح، ونسناسٌ يسلب الخاطر، ووقتٌ يجلب السكينة للرّوح المتعطّشة إلى الدفء والحنان، بين سحر الطبيعة وخيال المساء تحت ضوءٍ ربّانيّ لا يتكرر إلا في الليلة المقمرة.
كم هي جميلة ليلة القمر جوّاً، يسوده السكون وإحساسٌ بالسعادة التي تسكن دواخل القلب، ليلة تنتعش معها العاطفة، عندما ضوءٌ قمريٌّ يغطّي بساط الأرض.
لحظةٌ هي من تكتب لنا ملامح القافية التي تظهر للوجود، ولم تؤثّر عليها بقية الأيام، بل تعزف سمفونيةً على وتر الحواسّ، وتلملم الماضي بتلك الكلمات الشعرية والقصائد الغزلية.
ليلةٌ ينتظرها كلّ شاعرٍ وفنان ورسّام ومبدع، بل كلّ كاتبٍ يستطيع أن يجمع العواطف والذكريات الزمنية الجميلة. ومن الإعجاب بتلك الليلة، يسافر الكاتب ويعبُر الأجواء بدون أن يشعر أو يحسّ بالوقت الذي أدركه منذ المساء، حتى يأتي عليه الفجر وهو ما يزال يناشد ذلك السراب الذي يتردد أمام عينيه، يرسم كل الملامح على الضفاف الرملية، ويرصد كل ما يسعد قلبه البشريّ.
فهل تعلم أخي القارئ، أن ضوء القمر ليس يتأثر به الإنسان فحسب، بل يساعد أيضاً بإنضاج الثمار المختلفة، ويُقال بأن بعض البقوليات الزراعية لا يزهر لونها، ولا يتغير إلا في الليالي البِيض، وضوء القمر يتّحد مع ضوء الشمس لإنشاء المدّ والجزر، وتسهل من خلال ضوئه الملاحة البحرية، وضوء القمر يدفئ الأرض، ونوره هو طاقة لا غنىً عنها أبداً، فكم هو عظيم ضوء القمر! وأيضاً تستفيد منه الأشجار والمخلوقات والكائنات الحية، والإنسان الذي أستقر على ظهر الأرض، قال تعالى “فسبحان الله أحسن الخالقين” الاية (14) من سورة المؤمنون.
وكما يقال في الوصف والمدح: وهل يخفى القمر؟ طبعاً لا وألف لا بأن نتجاهل نور القمر الربّانيّ الذي غطّى بياض نوره كل بقاع الأرض، وجعلها من حولنا وكأنها النهار الدائم.