تاج الجَمال
أسماء بامخالف
على عتبات جمالها الساحر، تقفُ عبارات الوصف حائرة أن تروي للملأ شذاها النادر، و يعجز وحْيُ البيان أن يبلغ مدى سحرها الأخّاذ، فتتجزأ الكلمات، وتتبعثر الحروف لتذوب الخواطر على مرمر رَحاها، فلا يستوعب الخيال أن يستلهم بهاء منظرها، ويترجم حلاها، ولا يدرك الحلم ملامح مُحيّاها ليرسم لوحة صفاها.
نعم، إنها المدينة التي يُصافحها فصل الخريف، رغم كل مَن حولها يسكنه فصل الصيف، فهي متفرّدة بهذا الفصل عن غيرها، فهي المدينة الزاخرة بالإبداع الربّاني، المكسوّة بالطبيعة الخلّابة.
وفي كلّ عامٍ ترتدي ثوبها الأخضر، المطرّز بالورد، فتُغازلها الفراشات والعصافير بخجل، ويفوح من أطرافها عطراً تنبثق منه الرياحين، ومن ثغرها عبيراً فاقَ صنوف الياسمين، فينتشر أريج الزهر العطِر في كل الأرجاء، وكلما انحدرت على جبالها الشاهقة، وتسلّقت مرتفعاتها الشامخة تستنشقه الأنوف، وبنسماته اللطيفة تهتزّ أغصان الشجر، فتتساقط أوراقها أرضاً، مكوّنةً لوحة فنية في غاية الجمال، كيف لا وهي تَسُرّ الناظرين إذا برقت سناها، وتسحر الألباب إذا ضحكت سماؤها، وتأسر القلوب إذا لمست ثراها، وداست الأقدام على أديمها الفوّاح، فتنبهر برَونق حلاها كل الأذواق، وترتمي إلى أحضانها نفوس العُشّاق، فهي مُلهمة الشعراء، وروضة الأدباء، فهي لوحةٌ نسجَتها الأقدار عبرةً للحياة الأبدية، وتُحفة تُذكّر زوّارها بنوافذ الجنان الخالدة.
لذلك هي لؤلؤة الحاضر المُشرق، ودرّة الزمان العجيبة، وقلب الحياة النابض بالمعاصرة المعزوفة على أجراس الأصالة المنقوشة، تتغنّى بألحانها البلابل على أوتار الليالي المتناغمة مع إيقاعات الندى المتساقط على خدّها، والجداول المُنسابة بين المروج، وصوت خرير مائها اللامع كالفضة تتراقص عليه العصافير والحمائم بين الأزهار، وتغرّد أجمل الألحان، فينكسر قلمي حياءً، وتذوب حروفي خجلاً أمام تاج الجَمال (صلالة).