الفنان والكاتب العُماني، محمد خميس المعمري
سالمة بنت هلال الراسبية
باحثة في الشؤون التربوية -جنوب الشرقية-
إن مما لا شك فيه من وجهة نظرنا أنَّ فنان التواصل الاجتماعي -السوشل ميديا- لا يحل مكان الفنان التلفزيوني أو السينمائي أو المسرحي، ويجب أن تستغل التكنولوجيا في تطوير الدراما والمسرح.[محمد بن خميس المعمري].
فهكذا كانت بداية قصة نجمنا المعمري الذي سوف نتحدث عنه، فلم يكن يعلم هذا الطفل الصغير والذي كان يعمد على اختلاق دراما تراجيدية وأحيانا كوميدية حتى لا يذهب لمدرسة تحفيظ القرآن، والتي كانت جدته ترغمه للالتحاق بها، فيمثل دور الميت، فيقوم الأهل بتحريك يده أو جس نبضه، فلا يتحرك لدرجة أنه يحبس أنفاسه حتى لا يتم اكتشافه، وحين يتم اكتشافه يلوذ بالفرار؛ مما يجعل جدته تشتاط غضبا، أقول– لم يكن يعلم أنها ستكون بداية انطلاقته في عالم التأليف الدرامي والتمثيل والفن.
إنه الفنان والكاتب العُماني محمد بن خميس المعمري، رئيس مهرجان الرستاق العربي للمسرح الكوميدي، وعضو اللجنة الدائمة لدول مجلس التعاون الخليجي، ومشرف أنشطة تربوية بوزارة التربية والتعليم بمحافظة جنوب الباطنة، من مواليد 1969م. قد أستطاع المعمري بعد توفيق الله تعالى، ثم من خلال اجتهاده وعمله الدؤوب ومثابرته أن يصل بفرقته المسرحية الأهلية (فرقة الرستاق) التي أسسها في عام ١٩٩٢ م إلى مهرجانات عالمية وعربية ليحصل على العديد من الجوائز؛ منها جائزة جمعة الخصيبي للفرق المسرحية، وأفضل ممثل دور أول في مسرحية (خربة بمليون)، كما حصل على جائزة الإبداع الإعلامي في مجال التمثيل عام 2008م عن دوره في مسلسل (الفاغور)، والكثير من الجوائز الأخرى، فأغلب أعماله الدرامية والمسرحية لها بصمة واضحة، ومن تلك الأعمال “الفاغور”، و”إنسان من هذا الزمان”، و”إنسان من زمن المستحيل”.
كما وأسس بالشراكة مع صديقه وزميله في الفن والعمل والحياة، الفنان والمخرج خالد الضوياني، شركة النورس للإنتاج الفني، وقاما بإنتاج فلمين؛ وهما (الغريب، والحارة) وبعض الإعلانات التجارية والأغاني الوطنية والأفلام الوثائقية البسيطة، وما زالا في بداية المشوار؛ لذا فهما يستحقان الدعم الفني والمالي من أجل البحث عن التميز.
وعن مراحل كتابة مسلسل “الفاغور”، والذي كان من بطولة الفنانة القديرة والمحبوبة، فخرية خميس، والفنان سعود الدرمكي-رحمة الله عليه- ومن إنتاج تلفزيون سلطنة عُمان في عام 2006م، والذي حصل على آكثر من مليون مشاهدة للحلقات الخمسة عشر من المسلسل على منصة اليوتيوب، وكان تفاعل المشاهدين مصحوبًا بالتعليقات الإيجابية المحفزة للمزيد من الإنتاج الدرامي.
قال المعمري: هي بالفعل مراحل ومواقف وتحديات، حيث كان الدافع الأول الذي دفعني لكتابة مسلسل الفاغور البيئة التي أعيش فيها، وطبعًا هي جزء من بيئات عُمان المختلفة والجميلة في كل عُمان. أساطير وحكايات وقصص واقعية وأحداث وجمال طبيعة، وعادات جميلة، وموروث أصيل وغني أحببت أن أنقل مفردات كل ذلك في عمل مشوق بأحداث شبه واقعية خلطت بخيال الإبداع “الفاغور” ، ويضيف المعمري، إن ولادة المسلسل تعسرت بين شد وجذب ومواقف وتحديات أنتجت العمل وظهر للجمهور وكانت ردة الفعل التي تلقيناها جميله جدًا، ويضيف المعمري: إن بلادنا عُمان أستوديو مفتوح لم يعمل.
وعن التحديات أعرب المعمري عن رأيه:
“إن الأعمال التلفزيونية العُمانية بدأت جميلة ومميزة ولها متابعينها وعشاقها، وأعمال ما زالت بعضها في الذاكرة؛ لكن المثل إن لم تتقدم تَقْدم وبقينا على مسار واحد دون تجديد وأصبحت أعمالنا تقليد ومُعاده وممله، ولم نشاهد مفاجآت تبهرنا كمتابعين، أمام الشاشة -إلا ما ندر- فبقينا مكانك سر مع تطور الآخر؛ والسبب يعود لأن المنتج الوحيد الحقيقي هو التلفزيون الرسمي.
وأضاف، من العوامل التي تساعد في عودة الروح إلى الدراما العُمانية أن يكون على رأس الإنتاج فنان حقيقي غيور على تطوير الدراما واستغلال مفردات الطبيعة العُمانية التي حبا الله بها عُمان، وترويج الدرامي السياحي كما فعلت تركيا والهند ودول عديدة استغلال كنوز القلاع والحصون والحكايات من المورث في أعمال تاريخية وتراثية عُمان، فالكثير منها لم تتطرق -الدرما العمانية- إلى أنتاج أعمال لشخصيات عُمانية لها أثر في حضارة الوطن، مثل السلطان قابوس-رحمة الله عليه – ومن سبقه من شخصيات سياسية ودينية، وحكماء وعلماء، كما لم تتطرق إلى استغلال الروايات الجميلة وتحويلها لأعمال درامية بالتعاون مع مؤلفيها.
ويكشف المعمري عن دور -السوشل ميديا- في سرعة توصيل رسالة العمل الفني: هي وسيلة جميلة لإعلانات وترويج وتوصيل رسالة مهمة في بعض المحتويات، ويجب أن تساهم وتخدم الدراما، وفي كثير من الأحيان لا يستطيع نجم -السوشل ميديا- أن يحل محل الفنان التلفزيوني أو السينمائي أو المسرحي؛ ولكنها سريعة الانتشار ولسهولة التواصل التكنلوجي والاجتماعي، وقد يكون تأثيرها في المستقبل موازيًا لأعمال الدرامية المؤثرة؛ فيجب أن تستغل التكنلوجيا في تطوير الدراما والمسرح.
ويضيف: إن الإبداع لا يتوقف ما دامت الموهبة حاضرة، فبعد جائحة كرونا الأليمة أدى إلى ركود واسع لأغلب الفرق المسرحية ومنها فرقتي -فرقة الرستاق المسرحية- ولكن سوف تتغير الأمور في قادم الوقت، وهناك هدوء يسبق العاصفة، وسيكون الإعلان عن الجديد في قادم الوقت بإذن الله على المستوي الشخصي، وفرقة الرستاق المسرحية، وكذلك شركة النورس للإنتاج الفني، ويستمر المطر بالهطول طالما الغيوم ملبدة في سماء واسعة.
وكلمته الأخيرة كانت للموهوبين والمبدعين بأن عليهم الاستمرار وعدم اليأس، فرغم صعوبة ووعورة الطريق إلا أنه سيأتي اليوم لأثبات مواهبهم، وكذلك يجب أن نكون نحن من يهتم بالفن والدراما وأن نسخر جميع إمكانياتنا في استغلال جمال عُمان وكنزها الحضاري في أعمال درامية مميزة ننافس بها عالميا.
ويأمل الفنان والكاتب محمد المعمري أن يتم دعم شركات الإنتاج العُمانية، سواء الناشئة أو التي وصلت لمراحل متقدمة من الإنتاج، حتى تعكس بدورها التعاون البناء في خدمة الوطن وإبراز مكنوناته، وصقل مواهب الفنانيين أكثر من خلال ترشيحهم في تلك الأعمال التي تمثل حضارة وتاريخ عميق مثل تاريخ السلطنة.