رجفات قلمي
ميمونة بنت علي الكلبانية
في ليلة من الّليالي الحزينة، وفي ركن من أركان غرفة مظلمة، أمسكتُ قلمي لأخطّ همومي وأحزاني، فإذا بقلمي يسقط منّي ويهرب عنّي، فسعيت وراءه لأستردّه، فإذا به يهرب منّي ومن أصابع يدي الرّاجفة، فتعجّبت، وسألته: ألا يا قلمي المسكين، أتهرب منّي، أم مِن قدري الحزين؟
فأجابني بصوت يعلوه الحزن والأسى: سيّدتي، تعبت من كتابة معاناتك، ومعانقة هموم الآخرين، ابتسمتُ، وقلت له:
يا قلمي الحزين، أنترُك جراحنا، وأحزاننا دون البوح بها؟
قال: اذهب وبُح بما في أعماق قلبك لإنسانٍ أعزّ عليك من الرّوح.
أين أجد هذا الإنسان؟
بدلاً من تعذيب نفسك، وتعذيب من ليس له قلب أو روح، سألته:
وإذا كانت هذه الجراح بسبب إنسان هو أعزّ من الرّوح، فلمن أبوح؟ فتهجم قلمي حيرةً، وأسقط بوجهه على ورقتي البيضاء، فأخذته وتملّكته وهو صامتٌ، فاعتقدتُ أنّه قد رضخ لي، وسيساعدني في كتابة خاطرتي، فإذا بالحبر يخرج من قلمي متدفّقاً، فتعجّبتُ، ونظرت إليه قائلاً: ماذا تعني؟ قال: سيدتي، إنني بلا قلب ولا روح، أتريدين مني أن أخطّ أحزان قلبك، ولا أبكي فؤادك المجروح؟ كلّ شخص في هذه الدنيا فاقد شيئاً يحبّه في حياته، حتّى لو ضحك كثيراً ورأيتيه سعيداً، يَبقى شيءٌ بداخله كلّما تذكّره تألّم وضعف.