قف قليلًا أيها القمر
زوينة بنت بطي اليعقوبية
قف قليلًا أيها القمر، دعني أبث إليك ببعض خواطر القلب.. أنا تنهيدة البحر وابتسامة الحقل وكل الحب في بحر العواطف…. أنا دمعة من سماء الفكر وموعد الخير مع الصحوة. دعني أسير على أجنحة الأثير وأعانق الأغصان وأقبل ثغور الزهر… فأي روضة تلك التي حلت قدماي بها وأي سكينة تلك التي طرقت أناملي فجأة. ما ألطف هذه الأرض وما أجود صدرها حين تعطي ولا تمنن.. تسكب الخير من بركات السماء.
ما أرى في هذه الروضة إلا غيمة مشرفة وحقلا مزهرا.. عاشقان وأنا بينهما رسول سلام.. وما أخالهما إلا عروسا حسناء مطلة من نافذة قصرها على ملك عظيم فوق عرشه.. وما هذا الأفق المحيط بهما إلا كخاتم من الأنوار.
إن بيني وبينك شبهًا أيها القمر.. فأنت فريد في سمائك وأنا وحيد في أرضي.. كلانا يقطع شوطه صامتا هادئا، إلا أنك تساير النجوم و تناجيها.. أما أنا فإنني أقطع الأشواط منكسرا حزينا لا ألوي على شيء.
قف قليلًا لا تغب عني.. دعني أبثك شيئا فإنني لا أعرف غيرك ولا آنس بسواك.
في كل مرة كنت تمضي بصمت دون أن تعيرني اهتمامًا أو تلتفت إلي برهة، أما اليوم فقد سمعت مناجاتك للمرة الأولى…
أيها القمر الأرضي ذو القلب اللطيف أراك مضطربا…افرح… غرد للأمل.. تلألأ وإن كان الظلام حولك كونًا بأكمله تلألأ كالنجوم حين تملأ صفحة الليل بريقا. كن كنجم هابط من الغيمة الزرقاء على بساط الأرض الأخضر يسترد شغفه للحياة من جديد. كن البياض الذي حَبِلَ به الشتاء والجمال الذي تمخض عنه رحم الربيع والصفاء الذي تنفس عنه الصيف والهدوء الذي رافق أوراق الخريف. كن إكليل عرس وأول صباح يعلن عن مجيء الضياء. كن العلو كي ترى النور والحكمة التي لم يتعلمها الإنسان بعد… قف قليلًا أيها القمر…