الغرّاق، إرث تاريخي للأفلاج العمانية
يحيى سليمان الشكيلي
يُعدّ (الغرّاق) أحد الفنون المعمارية الهندسية في بعض الأفلاج العمانية، والبعض يطلُق عليه (غراّق فلاح).
ومنذ عهد حكم الإمام سيف بن سلطان اليعربي (قيد الأرض) وقد شهدت تلك الحقبة الزمنية استصلاح الأراضي الزراعية وتهيئتها للزراعة، وعمل على توسعة الأفلاج وتطويرها، وهذا يثبت أنّ منجزات الإمام قيد الأرض لا تقتصر على المعارك، كذلك اهتم بالزراعة، فأكثر من تعمير الأفلاج، وتوسّع في زراعة النخيل.
ولعل أحد فنون هندسة العمارة في تلك الحقبة الذهبية هو الغرّاق ذو البناء الأسطواني، ليسمح بمرور الفلج من خلال فتحتين تعلو إحداهما الأخرى قليلاً عن مستوى سطح الوادي، وبارتفاع مختلف في بعض الأفلاج، واستخدم في بنائه مادة طينية تسمى الجصّ، وهي مادة صلبة ومقاومة للمياه، بعد أن يتم إحراقها ليكسبها مزيداً من القوة.
وكان لقريتي نصيب منها، يتخلل جدول مياه ممتد إلى ضفة جبلية زراعية من النخيل، يفصلها وادٍ.
كان لا بد من نقل المياه اليها بواسطته، إلا أن مكوّنها الداخلي تدهور، وهذا شيء جوهري في الحياة، وينطبق على الآثار، وقد حاول الأهالي جاهدين لصيانته على مراحل متعددة، إلا أن هذه الصيانة لم تكن دقيقة ومتخصصة في إعادتة للعمل كالمعتاد، وهو يقف اليوم صامتاً دون حركة للمياه بداخله.
إننا بحاجة إلى مؤسسات خاصة في مجال ترميم مثل هذه الآثار، وتمتلك المواد الأساسية أسوة ً بمقاولات البناء، ويسهل على المواطنين إيجادها ليجعل الحفاظ عليها ضرورة لأصالتها والحد من مسببات التلف والتدهور كونه إرث تاريخي، وما أشبه الأثر بالإنسان في معاناته، إلا أن الإنسان لديه القدرة على النطق والتعبير عمَّا يصيبه من آلام ومعاناة، بينما هو يكبِّله الصمت.