أدب الشوارع
سارة سالم
” كذابين من حبونا”
“ما هزك الشوق؟”
” ماذا إن سألك الله عن حزني؟”
“من زانت صلاته زانت حياته”.
“بأي فستان ستدهشين العيد هذا الصباح”.
نشاهد مثل هذه العبارات ونحن نتّجه ذهاباً وإياباً
بين الطرقات، لا أعلم لماذا اهتممتُ بها ذلك اليوم
وكأني أشاهدها للمرة الأولى.
جُملٌ مكتوبة على الجدران بخطوط متعرجة، رسم حروفها أناس بقصد أو دون قصد، المهمّ هو بَوحٌ على الجدران، وكأن صوت مؤذن يصدح في كل صباح وكل مساء، صرت أبتلع الكلمات في جوفي، فأبتسم أحياناً، وأشعر بالحزن أحياناً أخرى، وتارةً تختلط المشاعر فأعيش مع من كتبها فآخذ دوره، رغم أن
تلك الكتابات هي أحاديث نتناقلها بطُرق شتّى، رأيٌ قِيل في مجلسٍ ما وانتهى، أو عبر رسالة واتساب، أو تغريدة هناك، وقد لا يلتفت لها أحد. لكن ما هو ذلك الشعور الذي أحاول أن أخفيه وأنا أقرأ ما على الجدران من أدب الشوارع؟
الصمت يتملكني، بين مؤيدة لتلك الكتابات ورفضها، من باب نظافة المنظر العام للوطن.
عُدتُ للصمت الذي أصارعه بين نفسي، وكأنني أعمل بمقولة ” لا تخبروا الناس بكل شيء تملكونه أو ما ستفعلونه”، ليس الجميع لديهم حُسن النوايا على: “الفرحة، النعمة، الصحة، السعادة، وحتى الألم والحزن”. ليس كل شيء يُحكى، وأنا أقنع نفسي بأنها كتابات مراهقين، حتى وصلتُ لمقولة:
“استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”.
ارتسمتْ على وجهي ابتسامة صغيرة، وكأن صاحبها أراد أن
ينهي حديثي، تمنيتُ حينها أن أكتب على أحد الجدران:
لم أخذلك أبداً، أنا حاولت الثبات في عينيك، لماذا بترتَ قلبي وأفشلتَ محاولاتي؟
وجعلتَ تشبُّثي بأقصى أطراف روحك.
مرحلة من الجنون أوصلتني للانهزام، في معركة خاسرة،
لماذا أوصلتلي فكرة أن كتفك
لم يعد سنداً، فخابت كل ظنوني.