منظومة إجادة، إلى أين؟
خلفان بن علي بن خميس الرواحي
عندما أعلنت وزارة العمل عن مشروع منظومة إجادة، وما رافقها من اللقاءات المختلفة سواء بالوسائل المقروءة أوالمسموعة أوالمرئية، وكانت تلك القنبلة الضخمة التي فجرت في مسامع الموظفين، وخُيّل لهم أن أبواب الجنة قد فُتحت لهم، وستجري أنهارها عليهم بأشكال وألوان مختلفة، فهناك العسل واللبن، والكل بدأ يرسم خرائط جميلة لحياته المستقبلية، ولكن كانت الصدمة.
كل شيء جاء عكس ما كان يتوقع الجميع، التقييم الذاتي خدم البعض، وجعلهم من المجيدين، وأطاح بآخرين كانوا يأملون الأفضل، كل من وضع تقييمه فوق التوقعات كان في قائمة الامتيار، لذا يحق له التكريم بعد تزكية المسؤول المباشر، هنا تبدأ المحسوبية والعلاقات الشخصية، فمن كان قريباً من المسؤول وصاحب حظوة لديه رفع اسمه، وهناك آخر وصل لدرجة الامتياز ولكنه بعيدٌ عن المسؤول، لذا لم يكن ضمن القائمة.
وكان الأَولى أن يكون التكريم لكل من وصل لدرجة ممتاز بعيداً عن تدخّل المسؤول، فأولئك كلهم يستحقّون التكريم.
أعجبني تصرّف أحد الإداريين عندما اجتمع مع كل الموظفين لديه ممّن حصلوا على تقدير امتياز، وقال لهم بالكلمة الواحدة:
أنتم جميعاً معي في كفّة واحدة، ولكن مطلوب مني رفع أسماء بعضكم حسب النسبة التي مُنحت لي، الجميع كان ينتظر ماذا يعقب هذا الطرح، نظر إليهم وبصوت فيه شيء من الثقة وقال لهم: كيفما كانت المكافأة فسوف نقسمها عليكم جميعاً، الكلّ كان سعيداً بهذا المقترح وباركوه لأنهم اقتنعوا بأن فيه العدل لزملائهم.
تلك تجربة لها ما بعدها، فقد قتل المسؤول الحسد والغيرة وجعل الجميع راضين، وخرجوا وهم يضحكون فرحاً.
السؤال الذي يجب على المسؤول في وزارة العمل الإجابة عنه:
هل هذا الإجراء سوف يشجّع الموظف على الأداء؟ عندما لا يقوم التقييم على أسُس معيّنة قائم عليها، وتمّ وضعها من قِبل خبراء، وقياسها قبل تطبيقها ونشرها لكل الموظفين ليكونوا على دراية بها، وهنا يكون المسؤول قادراً على التقييم الصحيح للموظف، لأن لديه قائمةً وبنوداً واضحة، وخطاً يسير عليه، ومن جانب آخر يكون الموظف مقتنعاً بنتيجة التقييم نتيجة أدائه في فترة التقييم، ولكن أن يكون التقييم في يد الموظف أولاً، وبعدها تحت رحمة المسؤول، فهذا فيه إجحاف لحقَ بالموظف.
كلمة أخيرة، كل من يعمل في وظيفة حكومية يحق له أن يكون مُجيداً في مجاله، والآن من كان في درجة دون المستوى ما هي الإجراءات التي سوف تقوم بها الوزارة لرفع مستواه؟ أمْ سيظلّ في مكان وينحدر للأسفل؟
المتوقع في الفترة القادمة أنه سيرتفع عدد الموظفين في قوائم الحاصلين على تقدير ممتاز، لأن الجميع سوف يضع التقييم الذاتي “يفوق التوقعات”، حتى إذا لم ينجز شيئاً، وتزيد حالات الاقتراب من المسؤول حتى ينال الرضا.