ضجيج الصمت
عبدالله بن حمدان الفارسي
أحياناً، أستشعر بأن قلبي مليءٌ بالذنوب، وأيّ ذنوب تلك التي يمارسها؟ فقد اعتاد ممارسة عشقٍ خفيّ صامت، صمتٌ يحاكي طَيف من يعشق، صمتٌ فيه ضجيج الجنون، وجنون العقلاء، أناظره بقلبي، أتحدّث إليه بعيني، أعايشه وكأنه جزءٌ مني، تتغنى به أنفاسي، وتغرّد باسمه مع طيور الكروان، أتهجّد في دهاليز الخفاء لأجله، فهل تلك ذنوبٌ تشوبها شائبة؟ مشاعري نقاء وبهاء، وفيها طهارة الزهداء.
هكذا مشاعري نحوه، لا تتجاوز نطاق العقل والوجدان، لا تتعدّى حقول الصفاء وبساتينه، الغاية من عشقه سامية، تستظلّ روحه تحت سقف النوريات، عفافٌ في القلب، وروحٌ فوق تضاريس الوفاء تحلّق معه.
على هودج رموشه أعتلي شامخات الأمل، وتحت ظلال أهدابه أغتسل من ينابيع الأدب، يكتبني حرفاً ثائراً خارج أسراب الجُمل، لا نصّ قادر على وصفه، ولا أديب يمكنه كتابة تفاصيله.
خيالٌ يعانق الواقع، وواقعٌ تأبى نبضاته مواجهة الواقع الحقيقيّ، مؤسفٌ أن تعيش المعاناة مع خيال، ومؤلمٌ أن تحبس أنفاسك خلف قضبان التردد والخوف، لا لشيء، بقدر أن يكون ذلك تجنباً لخدش وجه الحياء.
طيّب الله ذكراه في قلبي وعقلي، فقد أثرى مخيلتي بجماليات عشقي له، فليس بالضرورة أن تكون الفرحة لقاءً، فأبواب السعادة مشرعة متى كان الشعور صادقاً، مفعماً بالوفاء والنقاء.
فيا قلب، لك ما تتمنى معه في فضاءات الخيال والأحلام، واسرد حكاية عشقك لمن يحمل في قلبه النقاء، ليس جرحاً ينزف وجعاً، وإنما قصة عشقٍ خفيّ صامت، يغلّفه أدب الأوفياء.