2024
Adsense
مقالات صحفية

منظومة قياس الأداء الفردي “إجادة”

سيف بن محمد بن ناصر المحروقي

كثُر الصخب خلال الأيام الماضية حول منظومة قياس الأداء الفردي “إجادة” وتباينت الآراء بين مؤيّد ومعارض، والحق يُقال بأن المنظومة غير فاشلة، ولكن هي تحبو في خطواتها الأولى، ولا بدّ من عثرات.
فسعي الحكومة واضح وجليّ نحو التحوّل الرقميّ لتطبيق أعلى معايير حوكمة الأداء الحكومي.

وعندما نقارن النظام التقليدي القديم للأداء الفردي للموظف وبين منظومة إجادة نجد بأنه لا مجال للمقارنة، فشتّان ما بين معايير تقليدية لا تطور من أداء الفرد والمؤسسة، وما بين أهداف ذكية تقوم على قياس أداء الفرد والمؤسسة والإنتاجية في العمل.

وإذا تطرّقنا إلى الإيجابيات في المنظومة، فالإيجابيات تطغى على السلبيات، ولعلّ سوء استخدام المنظومة من الرؤساء والمرؤوسين هي من عززت بعض السلبيات، إذ أن المتابع لإدارة التغيير الرقمي والبرمجي يعلم بأن معظم الأنظمة لا تخلو من أخطاء ومشاكل فنية، ولكن مع مرور الوقت تتطور وتُذلّل جميع العقبات بالتحديثات المستمرة ومعالجتها لتكون أكثر رصانة وحوكمة.

النظرة السلبية للمنظومة من منظوري ورأيي الخاص بناءً على تجربتي واطّلاعي على بعض الممارسات الخاطئة للنظام لخّصْتَها في الأسباب التالية:

أولاً، عدم وضوح الرؤية والأهداف العامة للمؤسسة، وبالتالي عدم تكامل وارتباط أهداف الموظف مع رؤية وأهداف المؤسسة، فلا بد من توضيح ومشاركة الأهداف الرئيسية للمؤسسة بين الموظفين، وتحديد أهداف كل مديرية ودائرة وقسم وربطها مع الرؤية العامة للمؤسسة ومع المهام الوظيفية للموظفين.

ثانياً، إعطاء الصلاحيات للمسؤول المباشر في تحديد مرتبة الامتياز، فغابت الشفافية لضبابية المعايير، ودخول المحسوبية في الاختيار.

فالملاحَظ في تخطيط وهندسة النظام أن الموظف هو من يضع أهدافه ونتائج أدائه، ثم يعتمدها المسؤول المباشر، ولاحقاً يتم ترشيحه لمرتبة الامتياز، قد تزدوج معه المعايير وفق أهواء المسؤول المباشر.

السؤال هنا لماذا لا تطور خوارزمية تعمل بالذكاء الاصطناعي تحدد الأكفأ لمرتبة الامتياز دون تدخُّل بشري، فعلى سبيل المثال: معيار كم عدد الأهداف التي حققت “يفوق التوقعات”، معيار كم إنجاز حقق الموظف خلال العام، معيار وزن أهداف الموظف المنجزة مقارنة مع الأهداف الرئيسية للمؤسسة، وغيرها من المعايير الذكية قادرة على بناء خوارزمية تساعد في تحديد الموظف الحاصل على مرتبة الممتاز.

ثالثاً، غياب المسؤول المخطط لتحديد مسار وأهداف الموظفين، فتجده يعتمد أهدافاً لا تمتّ بصلة للمهام الوظيفية للموظف، أو أهدافاً غير قابلة للقياس، أو أهدافاً سهلة التنفيذ، أو أهدافاً لا تحقق الرؤية العامة للمؤسسة، أو اعتماد الأهداف دون التدقيق عليها والتأكد من واقعيتها، وبالتالي تخلق الفجوات وتغيب القدرات، فالضعيف يصبح مُجيداً والمُجيد يصبح ضعيفاً.

لذلك لا بدّ من وضع مخطط للأهداف الرئيسية وتحديد أوزانها بناءً على التقسيمات والمهام الوظيفية للموظف يقيس من خلالها مؤشرات أدائه، ويُترك له حرية إضافة أهدافه الفرعية.

كما لا بد أن يضع المسؤول المباشر أهدافاً تعالج ممارسات خاطئة بالعمل، مثل تقليل عدد الأخطاء، أو عدم الالتزام بالدوام وغيرها.

رابعاً، عدم إلمام الموظف بالمنظومة وكيفية صياغة الأهداف، حيث سيعمل موظف أهدافه الخاصة بنتائج قياس ضعيفة وغير ملموسة تمكنه من تحقيق “يفوق التوقعات”، بينما موظف آخر أهدافه ونتائجه أكثر واقعية وأعلى إنتاجية بالعمل قد يحصل على مرتبة “يحقق التوقعات” وبالتالي لا يمكن لمسؤوله المباشر ترقيته إلى مرتبة “الامتياز” لعدم إدراجه ضمن قائمة الممتازين.

تجدر الإشارة هنا بأن بعض الموظفين لا يجيدون التعامل مع نوع مؤشر قياس هل هو نسبةً أم عدداً أم تاريخاً وقد يُدخل قيَماً خاطئة تؤدي إلى حصوله على مرتبة “ضعيف”، لذلك يأتي هنا دور المسؤول المباشر كما ذكرته في النقطة الثالثة والتدقيق على مُدخَلات الأهداف تجنباً لازدواجية المعايير لاحقاً.

خامساً، غياب الشفافية عند توزيع مقاعد الامتياز بناءً على التقسيمات الوظيفية، حيث تجد أن الوظائف الحِرفية قد ظُلمت في الترشيح كون أن عملها روتيني ولا يوجد به أي إنجاز يؤهل الموظفين للترشح لمرتبة الامتياز، وبالتالي يفقدون الأمل في المنافسة على المكافآت والترقيات، وبالتالي لن تكون منظومة إجادة ضمن اهتماماتهم وأولوياتهم.

لذلك أقترح أن يحدد عدد الكراسي بناءً على نسبة ١٠٪؜ من عدد الموظفين للوظائف الحرفية بمعايير خاصة تحدد الممتاز.

ختاماً، أوردتُ هذه الملاحظات أملاً بأن تؤخَذ بعين الاعتبار من متّخذي القرار، والتي لا شكّ بأنهم قائمون على حلحلتها في قادم الوقت، حيث سيكون لتقنيات الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة دورٌ فعّال في المنظومة.

وبإذن الله هم قادرون على تحقيق هذا الإنجاز الرقمي، والذي قد يٌدوّن يوماً ما ضمن فنون ومهارات إدارة التحوّل الرقميّ، فكل الدعوات لهم بالتوفيق والسداد لما فيه صالح عُمان.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights