درويش بن سالم الكيومي
” قطرة من دمك تنقذ بها حياة إنسان، قال تعالى: { : وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}- [الأنفال:60]- صدق الله العظيم.
إنّ الإنسان يسعي جاهدًا إلى الأعمال الخيرية والتطوعية المختلفة التي يرى فيها الراحة والاطمئنان لقلبه الذي سخره في طريق لا ينتهي، بل يتجدد لأعمال وأنشطة أخرى لها مردود إيجابي في حياته اليومية بكل ما بادر وساهم وتبرع وشارك وسعى به عن سماحة نفس وطيب خاطر، فمن منا لا يسعى إلى الصدقة ونيل الأجر والثواب العظيم، حيث يعتبر التبرع بالدم من الصدقات الجارية التي تبقى للإنسان طيلة حياته الدنيوية وفي الآخرة، وأيضًا أجرها مستمر لأنها من الأعمال الصالحة الخيرية؛ فالتبرع بالدم يكون أفضل حماية للجسم لأنه يجدد دورة الدم ويكسب الجسم حيوية ونشاط.
إخوتي الأعزاء إن التبرع بكمية من الدم تقدر بحوالي (50) ملليمترًا لا تضر الجسم إطلاقًا، بل هي نشاط مضاعف وخدمة يقدمها الإنسان لغيره من البشر وينقذ بها أرواح أناس أبرياء وبحاجة ماسة جدًا لنقل الدم الطبيعي لهم، ومن أصعب الحالات التي تتطلب نقل لها الدم هي؛ العمليات الجراحية بشكل عام، والعمليات الخاصة التي تجرى سنويا للمرأة عند الولادة، وتعود بنسبة 25% من حالات الوفيات إلى نزيف الدم الغزير أثناء الولادة، ولا تعالج مثل هذه الحالات إلا بوجود مخزون كافي من الدم، ويليها حوادث السير الأليمة التي تؤدي للإصابة البالغة ويفقد من خلالها المصاب كمية كبيرة من دمه في موقع الحادث؛ فهو بحاجة ماسة إلى دم طبيعي، وهناك حالات وأمراض أخرى موجودة بالمستشفيات يجب علينا أيضًا بأن نتعرف ونطلع عليها، مثل أمراض الدم الوراثية، وفقر الدم المنجلي، وحالات أمراض الدم الخبيثة، وحالات فشل نخاع العظم وغيرها من الأمراض، ويقوم بذلك الدور الكبير في تلبية الاحتياجات لها بنك الدم الموجود بالمستشفيات المركزية المنتشرة بمختلف محافظات السلطنة الحبيبة.
لقد نفّذ بنك الدم بمستشفى صحار آخر حملة في معهد السلامة المرورية بصحار، حيث وصل عدد المتبرعين إلى (120) متبرع لتبقى تلك الكمية رصيدًا وافر في بنك القلوب، فكل الشكر والتقدير لقيادة شرطة محافظة شمال الباطنة.
فالتبرع بالدم بحد ذاته يعطي الجسم نشاط وحيوية فيعتبر التبرع مفيدًا جدًا وسوف يشعر به من يتبرع لأول مرة، ولا شك أن كل متبرع بالدم يحصل على رصيد مقابل تبرعه للبنك، وكل شخص جرب التبرع سوف يعود إلى البنك من تلقاء نفسه من أجل التبرع والحصول على رقم جديد يضاف في رصيده، وطبعًا لا أحد منا يستطيع أن ينكر الدور الكبير والملموس الذي يقوم به الأطباء والإخوة الممرضين والممرضات من أجل خدمة المواطن العُماني والمقيم والزائر من خلال تعزيز النقص في بنك الدم، ويبذلون خلال الزيارة الميدانية قصارى جهودهم الطبية بدون توقف، فشكرًا وألف شكر لكل الكوادر الطبية المخلصة التي تزور كافة قرى وولايات محافظة شمال الباطنة من أجل خدمة وتوفير صفائح الدم الطبيعية لمن هم بحاجة ماسة لها بسبب الظروف الصحية.
أن التبرع بالدم والعمل التطوعي هو من أحب الأعمال، ويعتبر من الإضافات الخيرية في حياة الإنسان من أجل نيل الأجر والثواب من الله عز وجل، وبلا شك سوف يستفيد بذلك الدم أناس آخرين لا نعرفهم، فخدمة البشرية واجب وطني؛ فيجب علينا بأن نلبي مثل هذه النداءات المجتمعية والتطوعية، قال رسول الله صلى الله عليهم وسلم:((أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ))-أخرجه الطبراني.
نسأل الله العلي القدير أن يوفق وزارة الصحة الموقرة في كل المساعي والجهود المبذولة والعطاء المستمر في خدمة المجتمع وتقديم الدعم للحفاظ على حياة المواطن العُماني والمقيم والزائر من خلال وجود المراكز الصحية المنشرة، وقد شملت الخدمات الصحية كافة ربوع السلطنة الحبيبة ووصلت للمواطن وهو في قريته سواء كان في السهل أو الجبل؛ فالعلاج والدواء قريب منه أين ما استقر على أرض عُمان الغالية، التي تنعم بالخير والأمن والأمان تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه.
