حياتي الريفية
بشاير بنت سليم الرحبية
في إحدى المناطق الريفية في سويسرا، في رحلتي لوحدي؛ فأنا من أولئك الذين يحبون أن يكونوا لوحدهم، ولا يوجد شخصٌ ما ليزعجهم، ويكدّر صفوَ حياتهم.
أنا من تلك الفئة من الناس التي يقال عنها (المزاجيون) فمزاجي يتعكر من كلمة واحدة، تزلزل شيئاً ما في قلبي، ويرسل قلبي إشاراتها للأعصاب لإخبار العقل، فبالتالي يتعكر مزاجي أو يتحسن.
أعيش لوحدي في هذه المنطقة الريفية الجميلة لوحدي ومعي بعض الحيوانات الأليفة كالغنم، والبط، والإوز، والطاؤوس، والحمام، والببغاوات، والكثير من الحيوانات التي أسعى جاهدة لكي أوفر لها كل ما تحتاجه، ولديّ كذلك حقلٌ خاصٌ بالورود، التي يعتبرها الناس في بلادي غريبة وغير متوافرة ونادرة، لديّ زنبق الماء، شجرة الصفصاف، التي أستلقي على جذعها كلما أهبّ لرعي غنمي وبيدي أمسك ذلك الحمَل الصغير والمشاكس، الذي يتبعني أينما أذهب، أحتضنه وأغرق في نومي الخفيف، الذي إذا نبح كلبي، أو صهل حصاني (هاجد) قمت وأنا أرتعد، فبحركة واحدة أهمّ واقفة، وكان في بلدتي الصغيرة أمي التي سمتني بالغزالة، لأنني نبيهة وأبسط الأشياء توقظني من سُباتي، لا أخشى على نفسي شيئاً، فأنا في مكان لا وجود لأحد فيه سواي وحيواناتي، أذهب إلى ذلك النهر كل يوم؛ فالنهر يقع بقرب منزلي، لا يفصلني عنه سوى بستان وحقل زهوري، الذي يضفي طابعاً جميلاً، وجواً يزيد روعته، أحب ذلك المكان؛ لذلك لا أريد قط أن أعود إلى دياري وأتركه، لقد عشت هنا وسأعيش هنا، لا أريد العودة.
وقريباً والدتي وأخي وأختي سيأتون ويقطنون معي، رغم أني لا أحب الضجة، ولكنهم كذلك عائلتي وليس لهم سواي، وليس لي سواهم. عشقتُ الريف، وأحببت كل زاوية فيه، وتلك الجبال التي تغطيها الثلوج طوال السنة، وبرد الشتاء هنا، وحيواناتي الجميلة، لذلك وصفته بكلماتي العذبة، رغم أن وصفي له لا يأتي بالكثير، فعشقي لهذا المكان غير محدود.
بحر حبّي هذا النهر، لن أصفكَ بنهر دجلة أوالفرات، سأصفك لأنك نهري المملوء بالحُسن والجمال والبهاء.
وحقلي الذي يضخّ كل معالم الجمال، تحتويه ورود الجوري، التي أسعى كل صباح أن أقبّلها، وحيواناتي الأليفة وحصاني (هاجد)، ومهرتي(العذوب) كم هذا جميل عندما أمتطي حصاني وأربت عليه هو ومهرتي، كم هو جميل، أن أقوم كل يومٍ، ويركض ورائي حمَلي الذي أسميته (المشاكس) كناية عن مشاكسته وركضه خلفي أينما ذهبت.
أحب هذا المكان، أحب تلك الجبال التي تغطيها الثلوج والعشب الكثيف، وشجرة الصفصاف، أحب كل (شيء).