جان دمو
منى المعولي
مات صعلوكاً على رصيف البعد والغربة
مات مشرداً سكيراً وبائساً
لم يكن له إصدار
حتى الإصدار الوحيد الذي تبرعت بنشره له السيدة حكيمة جرار والذي سماه ب أسمال كان ليس سوى مجموعة قصائد مبعثرة لا ترقى لأن تصبح كتاباً مكتملاً
جان دمو ترجم للعديد من العظماء
ترجم ل تيد هيوز
ترجم ل شارلز سيميك
و ترجم للكندية مارغريت الوود
كما ترجم مذكرات سلفادور دالي التي نُشرت في إحدى الدوريات العراقية..
مؤخراً قام أصدقائه بجمع ولملمة ما تبقى من النصوص والكتابات
فجان المسكين كان يكتب ويثمل وتضيع قصاصاته
منعه الجوع والفقر من الإنصراف إلى الأدب مع أنه كان مع من أسسوا أو حتى انضموا مؤخراً لجماعة كركوك
كان رفيقاً وصديقاً للراحل سركون بولص
وصديقاً للمهاجر المنعزل الجميل صلاح فائق
كتب جان الكثير الكثير
لكن جان نسى أن يكتب لنا عن نفسه..
بعض العظماء يموتون مشردين ويموتون صعاليك
بعضهم لم يكن لديه المال ليأكل فكيف يجد المال لينشر…
كان يخرج بدلته من فم الكيس بأقل مقاييس الأناقة لمتشرد يرتدي جواربه البالية ليقابل الجهابذة المهتمين بالمظهر لا الجوهر فهم لا يقبلون أن يستقبلوه بهيئة الشريد المشرد
جان كان مختزلاً وعشق الإختزال و أجاده لذلك كان مقلاً في شعره و أدبه..
كان مشغولاً أن يعرف كيف يعيش حياته وكان ضغط الحياة يطغى على قريحته ، كان عليه أن يعيش كما يكتب
محققاً بذلك ماركسيته التي أمن بها “أنت بحاجة إلى أن توجد قبل أن تفكر”
يقول البوهيمي الكبير في إحدى حواراته المنشورة
” وجدت نفسي على قارعة الطريق فاتخذت من الهامشية مساراً”
أوجاعه جعلت منه إنساناً.. كان يردد أنه لا ينتمي لبقعة محددة في هذه المعمورة فهو حيث يكون سيكون مغترباً
تعلمت من جان دمو كيف أكون هامشاً و أتصدر المقدمة
تعلمت منه أن أدب الجوائز والبهرجة والضجيج ليس دائماً حقاً هو الأصح و الأجود
تعلمت من جان أن العظماء لا يكتشفون إلا بعد موتهم
و تعلمت أن المتعرشين والمتنططين على جثث الراحلين كثر..
وتعلمت أن خنازير التقول تتبرز على غبار الزمن والكفن..