مريم بنت عبيد الشكيلية
أَبْقِ كلماتك جامدة وخاملة ومجهولة ولا ترسلها على امتداد هذا الصباح، أبقها سابحة في فضاء الفراغ ولا تطلقها نحوي ببندقية قلمك، دعها جاثمة على سطح سطرك لأيام حتى تصلني بوميض الدهشة وتوقد الشعور.
عندما تولد الكلمات كل يوم على مسار الورق وننشرها كغسيل مبلل فوق حبل الصبح مقيدة بجرس التوقيت؛ تكون رخوة الأبجدية شاحبة اللون منزوعة الوتر الموسيقي؛ لهذا أَبْقِ رسائلك، كما هي لا ترسلها مع قرص الشمس الأصفر.
دعها كما هي مكومة في رف هاتفك إذا كانت سوف تأتي ضجرة لا تقوى على أن تمد يدها وتنتزع مني أغطية الخواء، أو أن تذيب كتلة الحبر التي تسد تنفس كتاباتي..
دعها كما هي بلا توقيت تأتي، حتى لا نعلق بها في وحل الضجر، وكي لا تصبح كلمات على موائد الصبح كفنجان قهوة نرتشفها على عجل .. دعني أقف في انتظار تعثري بها مصادفة في مدن التنهد ومتعطشة لحرفي وأطلق سرب كلماتي بفرح صبح بهي.
إنني أتعجب كيف لا تشيخ كتاباتك بعد كل هذه السنوات المنهكة والطويلة والتي تظل تطلقها بعبثية على تخوم الورق والأسلاك الوهمية، ثم تبقى بذاك الفتور حتى من نبض شمع يعيدها إلى الحياة.
أَبْقِ رسائلك ممنوعة من الصرف، لا تقرأ ولا تستجب لنداء الصباحات المتكررة لتظل صرخة مدوية حين تخرج من عباءة الصمت وتقلب قوانين الطبيعة.
