2024
Adsense
مقالات صحفية

ما بعد رمضان

أحمد بن خلفان الزعابي
zaabi2006@hotmail.com

ها قد رحل عنا شهر رمضان لهذا العام 1444 هـ، ونتوجه للمولى عز وجل بالشكر والثناء بأن قدّر لعباده المسلمين صيامهُ وقيامهُ وبذل ما بوسعهم تقربًا وإرضاءً له ورجاء عفوه وغفرانه وهذا أملنا خلال شهر رمضان فكيف سنكون ما بعد رمضان.

فخلال الشهر الكريم عُمِّرت بيوت الله وامتلأت بالمصلين فمنذ صلاة الفجر وحتى العشاء ثم التراويح والقيام والمساجد عامرة بالمجتهدين تقربًا إلى الله بأداء الصلاة وتلاوة القرآن وهذه عبادة يجب أن يُحافظ عليها في رمضان وفي غيره من شهور العام، خاصة صلاتي الفجر والعصر لما لهما من الأهمية والأجر الكبير، فهما الصلاتان اللتان تجتمع فيهما ملائكة الليل وملائكة النهار فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ”، أرأيت أيها القارئ الكريم الأهمية البالغة في المحافظة على هاتين الصلاتين مع باقي الصلوات خلال شهر رمضان وما بعده.

كما يجتهد المسلمون خلال شهر رمضان كذلك في إحياء ليلهم بأداء صلاة القيام، وهذه إحدى سنن شهر رمضان التي ينبغي على المسلم المحافظة عليها إلى ما بعد رمضان بإقامتها في منزله خاصة في الثلث الأخير من الليل، لأنه من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء.

ويبذل المسلمون من أهل السعة في إطعام الطعام وإقامة موائد الرحمن لإفطار الصائمين وعابري السبيل وهذه عادة من عادات شهر رمضان وينبغي أن تستمر بتفقد المسلم أهله وجيرانه وفقراء المسلمين من المتعففين، فعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ” (رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح) وبإمكان المسلم اليوم وإن كان مشغولاً التبرع لصالح الجمعيات والفرق الأهلية الخيرية لتقوم مقامه بتوفير المؤن والسلال الغذائية للأسر المتعففة المسجلة لديها.

كما يتبادل الناس الزيارات خلال ليالي شهر رمضان سواء بين الأهل والجيران أو الأصدقاء وهذه من العادات الحسنة التي تـُعزز أواصر القربى وتقوي الروابط بين الناس ولقد حافظ الأجداد والآباء على هذه العادة وعلينا أن نسير على دربهم في المحافظة عليها إلى ما بعد شهر رمضان فعن عليً رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال” من سرَّهُ أن يُمَدَّ لَهُ في عمرِهِ ويوسَّعَ لَهُ في رزقِهِ ويُدفعَ عنهُ ميتةُ السُّوءِ فليتَّقِ اللَّهَ وليصِلْ رحمَهُ” (رواه البزار والحاكم).

ويجتهد المسلمون خلال شهر رمضان في تلاوة القرآن وتدبره وختمه وينبغي على المسلم المحافظة على هذه العادة الحسنة إلى ما بعد رمضان بتحديد وقت معين أو عدد من صفحات وسوّر الكتاب الحكيم يقرأها كل يوم وليلة وهو ما يسمى بالورد من القرآن وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم” يقول: اقرَؤوا القُرْآنَ؛ فإنَّه يأتي يوم القيامةِ شفيعًا لأصحابِه” (رواه مسلم).

وتبقى فريضة الصيام إحدى أهم العبادات التي يؤديها المسلم خلال شهر رمضان والتي بإمكان المسلم المحافظة عليها كإحدى السنن التي يتقرب بها لربه إلى ما بعد شهر رمضان كصيام الأيام البيض وصيام الإثنين والخميس من كل أسبوع لما لها من الأجر الذي وعد الله به عباده وما لها من فوائد صحية على جسد الصائم.

وبلا شك أن هناك عبادات وسننا كثيرة يؤديها المسلمون خلال شهر رمضان ابتغاء مرضات ربهم وطمعًا في عفوه ومغفرته وبإمكان المسلم أن يجعل العام كله رمضان من خلال المحافظة على بعضها ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وكل عام وأنتم بخير.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights