مسائل الرأي وآراء الضلال
ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي
كَثُرت الرُخَصُ في الدّينِ وفتاوى الهوى
من أهل التفسخ والهوى، والإسلام يبرأُ مِن كلِ مَن ضلّ وغوى.
وعجباً لكلّ من يتشدّق بمسائل الرأي ولا يأخذ بكلام النبيﷺ، بل ويخالفه، فهذا ومَن على شاكلته مِن الذين يضلّون الناس بغير عِلم، حالهم كحال من قال الله فيه (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)، الكوثر، الآية ٣.
والآيات التي تدعو لطاعته، بل والوعيد والتحذير من مخالفة أمره كثيرة، وأتت في القرآن الكريم بصيَغٍ متعددة، ولاريب أن النبيﷺ طاعته مقرونة بطاعة الله وهو سيد الرأي، وقد أوتي جوامع الكَلِم، وكل من يخالفه فهو أبتر، لذا أحبتي القرّاء، احذروا ممن يضلون الناس بغير عِلم ولا تسمعوا لهم، فمنذ متى كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجرد رأي؟ يتشدق به مُعرضٌ عن سُنّتهِ بحجة تسليم الرأي للعقل، وهل عقلك يدعوك لعصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إذاً فبئس العقل عقلك يا من تدّعي العقلانية.
وهذا هو حال أهل الهوى، من أجل اتّباع الهوى يقولون لك دلّني على آية واحده تتحدث عن الهوى الذي أنا أريده كي ينتشر بين الناس، وطبعا لن تجد، لأنهم يعتبرون هذه حجة ليضلوا بها الناس، ولكن في الحقيقة، كثيرة هي الآيات التي تنهى عن اتباع الهوى والضلال، وأما سُنة الرسولﷺ فيفضلون عليها المعازف وقرع الطبول.
كذلك من يفسر القرآن على حسب الهوى والضلال والبُعد عن المنهج السويّ، وهنا أتساءل مُتعجباً:
هل ضاق علينا الأدب المعاصر، لنبحث في القرآن الكامل الذي لا يأتيه الباطل عن ما يوافق الهوى؟ لعلّنا نجد فيه ما نحتجّ به ونضلّ به الناس بفهمنا القاصر، فهذا هو حال من يتعاطى التفسير اليوم وهو به جاهل وحائر، ليرضي ضميره الشيطانيّ وهواهُ الفاجر، ويعترض على قِسمة الميراث، و يحرّر المرأة من العفاف ومن الحجاب الساتر.
وهنا تفكَّر معي أخي المتابِع،
هل أنت ممن (قالوا سمعنا وأطعنا)؟
أم ممن (قالوا سمعنا وعصينا)؟
حدد بنفسك موضعك ومع أيّ فريق تكون؟
مع الذين يؤمنون بشرع الله؟
أم مع الذين يخالفونه والعياذ بالله؟
إن هذه المعطيات والمستجدّات من هذه الثلة المارقة، تتكشف لنا حقائقهم يوماً بعد يوم، فمن كان ينادي بمنع مكبرات صوت القرآن الكريم بالأمس، هو نفسه اليوم ينادي برأي الهوى في المعازف والطرب، وهو من بارك تخفيض أسعار الكحول، واستقبال كل فكر سقيمٍ سرعان ما يتلاشى ويزول.
لتجد وزارة الأوقاف أُذُناً لهؤلاء بقرارها السريع الذي يتعلق بمنع مكبرات الصوت في المساجد في العشر الأواخر من شهر رمضان المُبارك، وليس بالمنع فحسب، بل وفرض غرامة مالية كذلك، وكما قال أحد العقلاء، لماذا هذا كله يا وزارة الأوقاف؟ قرار وغرامة وقضية رأي عام ؟ والأمر لا يتعدى كونه تكليف فني مختص بضبط الصوت فقط.
فتهويل الأمر وتضخيمه إلى قرار وغرامة ونحن في عصر التقنيات أمرٌ يجعلنا نعيد النظر في هذه القرارت التعسفية غير المدروسة، بل وتجعلنا هذه القرارت أضحوكة بين الأنام، وهل اقتصر الأمر على هذا فحسب؟ لا، ليخرج أحد هذه الأبواق المتحررة مجدَّداً، وهذه المرّة لرمي خطبة صلاة الجمعة المسالمة التي لم تفكر في يومٍ من الأيام أن تضر العباد، فعجباً أيها الأحبة القرّاء، حتى خطبة صلاة الجمعة لم تسلم من شرّ الأنام، وذلك فقط من أجل مخالفة أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن التحدث أثناء الخطبة وأمرنا بالإنصات للخطيب، ليأتينا المفكر العبقري وصاحب البوق السحري برأي آخر يذهل الخطباء ويحار منه الفُصحاء والبلغاء، رأي اجتهد فيه وتعب عليه، ألا وهو تحويل خطبة الجمعة إلى جلسة حوار يحضرها الوالي والسياسي، يتحدثون فيها عن قضايا الناس ويناقشونها فيما بينهم، بدل أن تكون خطبة تلقين على حسب قوله.
انظروا أحبتي القراء إلى أين وصل بنا الأمر، يحاربون سنن الرسول ويدّعون تحرير العقول، فلماذا أيها الأحبة يسمع البعض منا آراء السفهاء، ويقدمها على فتوى العلماء؟
لماذا نداهن في شرع ربنا؟ ونترك للسفهاء المجال ونعطيهم المساحات ليتجاوزوا حدودهم في الإعراض عن سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم ليغرّروا بهذه الأجيال، هل هانت عليكم سنّة رسولكم صلى الله عليه وسلم أيها الرجال؟
وهل ضعف بكم الحال عن قول الحق وصدق المقال، فستكثر مسائل الرأي من أنصار الباطل، إذا لم يجدوا منا السدّ المنيع في الدفاع عن الحقّ، والثبات عليه كرسوخ الجبال، كلمة حقّ أقولها لكم جميعاً خدمةً للإسلام ولرسول الهدى ومصباح الظلام، أبتغي بها وجه المهيمن ذي الجلال.
ترفّقوا بهذه الأجيال، كفاهم الغزو المستمرّ في كل وقت وحين، إنأوا بهم عن الفتن وخذوا بأيديهم إلى طريق التمسّك بشرع الله ودينه وهديِ نبيّه العظيم؟ وجنّبوهم كل ما يمكن أن يهدم الأوطان، وحاربوا كل من يسعى للشقاق، كونوا كنسيج واحد تفلحوا وتغنموا وتكونوا قدوة للأمم.