أيام معدودات
رحمة بنت ناصر الشرجية
الحمد لله الذي بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين، وما زلنا في شهره الفضيل نغتنم منه ما تبقى من”أيّامًا مَعْدُوداتٍ”.
فما ظنكم برب العباد في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، فإن أجرك وثوابك وصبرك من صيام وقيام وغيرها من الأعمال الصالحات عظيم، والله كريم بعباده، وهو أكرم الأكرمين.
فمن تأخر أو تكاسل أو انشغل أو تعب خلال الأيام الماضية فعليكم بالعشر الأواخر، ومن فضل العشر الأواخر هو وجود ليلة القدر في إحدى الليالي الوترية؛ وهي ليلة خير من ألف شهر، حيث ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”.
والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام خير قدوة لنا في اغتنام العشر الأواخر من شهر رمضان والاجتهاد فيه، فكان صلى الله عليه وسلم يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها، تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره). رواه مسلم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه: ((اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناءكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ))؛ أخرجه الحاكم في المستدرك.
فعلينا أن نغتنم بالخمس كما وصانا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام قبل أن تذهب هذه الخمس، وقبل أن يأتي يوم يندم فيه الإنسان على ما لم يقدمه من خير ومنفعة لنفسه ولأسرته ولوطنه.
فالوقت يمضي وما مضى لن يعود فليتنافس المتنافسون؛ فهلموا، وسارعوا، واجتهدوا فلا ندري هل الله جل جلاله سيبلغنا شهر رمضان القادم أم لا. كما جاء عن التابعي الحسن البصري رحمه الله، قال: “إنما الدنيا ثلاثة أيام، مضى أمسٌ بما فيه، وغداً لعلك لا تدركه، فانظر ما أنت عامل في يومك”.
أسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بكل خير، وأن يُعيننا على اغتنام واستثمار أوقاتنا وأعمارنا وصحتنا وشبابنا فيما ينفعنا ويرضى الله عنا.
اللهم تقبل منا فيما مضى، وبارك لنا فيما بقى، وبلغنا ليلة القدر، وحقق لنا فيها ما نتمنى وننتظر يا رب العالمين.
اذكروني بدعوة طيبة صادقة من القلب.
دمتم برحمة من رب العالمين