ثويني اليحيائي
أيام قليلة سوف تمرّ كَمرّ السحاب، ونستقبل شهراً يُنير السماء بضيائه، وتتلألأ المصابيح والقناديل، تسهر البشرية لراحته، ويتذوّقون طعم قراءة القرآن الكريم، والسنّة النبوية المطهّرة، والتسابيح والتهاليل، تركع وتسجد الأجساد والشجر والمدر، تُسبّح الطيور لعظمة جلاله، وجود كرمه، ذو المنّة والفضل العظيم، تتسامر الناس عن حلاوته؛ وهنا ينبع منهم الشوق والحنين للقاء هذا الشهر الفضيل، الذي ينتظره المسلمون في بقاع الأرض الطيبة، فما أن يصدح أذان المغرب للإفطار بصوت حلاوة طعمه ودعائه، إذ تلتمّ العائلة على أكوابٍ من لبنٍ وحبّة تمر، وشربة ماء، وتبتلّ عروقهم وهم يستغفرون ويسبّحون، رافعين أيديهم طالبين من الله المغفرة والرحمة والتوبة.
إن لقاء شهر عظيم أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتقٌ من النار، ليكون من الفائزين بهذه الجائزة العظيمة التى تُرصد له عند رحيله، ومن سيحملها وهو بين الأنبياء والرُّسل والصالحين والشهداء والصائمين بجوارهم في المقدمة، إلى مليكٍ مقتدر، إلى ذي الجلال والإكرام، الكل ينتظر هذه الجائزة، والكل سيفوز بها، مَن حافظ وأطاع ومشى في مسلكها فإنه هو الذي سينعم بجنات النعيم، جنة الفردوس التي عرضها السموات والأرض؛ فنِعم الجائزة ونعم الفائزون الذين تبيَضّ وجوههم نوراً وتقوى وصِدق، والمحافظون على الأمانات والقول الطيّب، والمحافظون على الصدَقة والزكاة وكلّ شيء ما هو وارد من إحسان وطِيب وخُلق وكرم.
إن شهر رمضان هو من أفضل الشهور وأعظمها، ترى الناس وهم يمرون في الطرقات ذاهبين إلى صلاة التراويح، هذه الصلاة التي تريح القلوب والأبدان، فيها الخشوع والتقرب إلى الله، ليس هناك صلاة ولا أيام وشهور تسمى بصلاة التراويح إلا هذه الصلاة في شهر رمضان المبارك، وإن أعظم الأعمال أيضاً هي الصدقات والإحسان والبرّ والزكاة.
لهذا نقول: تحابّوا وتقرّبوا إلى من خشع له الكون لعظمته، وتهادوا وأفشوا السلام بينكم، وتسامحوا، فهو شهر فيه الكرم والخيرات، ولا ننسى الوالدين والأقارب والجيران ممن لهم الحق في معاملتهم ومساعدتهم إذا كانت لهم حاجة من حوائج الدنيا، كذلك علينا أن لا ننسى العاملين فلهم الحق وواجب علينا أن نواسيهم في غربتهم وهم بيننا، فعلينا أن نريح قلوبهم بالكلمة الطيبة الدالة بالخير والمعروف.
فهنياً لمن يبادر بهذه الأعمال التي تقرّبه إلى الله، ويكون من الفائزين.
