صرخاتٌ تخترق الظلام
آية بنت خالد اليحمدية
أتحسس ما حولي، وجُثمـاني راقدٌ بِاضطراب، أكاد أهمس في أذنك بصعوبةٍ بالغة، جسدي كالجدار، بارد جدًا، يتسرب الخوف منه وينتقل لقلبي، ومنه إلى عقلي؛ فيرسل صرخاتٍ تخترق الظلام، ويصدر صداها إلى أقصى الجبال، ويرتد للقبر الواسع المخيف. قمت أجرُّ أعضائي الواهنة، أتجوّل في سحابةٍ كالحلم، أبدأ بالتحسس بما وُضِع أمأمي .
يداي كالثلج من شدة البرد تتحطم، قعدت قعودًا محزنًا، تنهال عليّ الذكريات، فريسةٌ ترتمي أمامي، تُحنط وجداني، وتدهس كل آمالي، أخذها الموت بسنارةٍ لا أراها، بكثافة الشجر ألتـف حول نفسي، أحتوي أضلعي، أدفيها، بعد كل الثقل أخيرًا ذراعي اليُسرى استجابت لي، تجسدت لي وكأنها نورٌ في ذاك القبر الخانق، تشنجاتٍ مستمرة، ضحكات ارتخت لوجهي الذي يكاد أن ينقسم لقسمين، قسمٌ سرعان ما يهوي عليّ ويخرج أحشائي بقسوة، وقسم يهذبني ويختطف الطمأنينة من روحه ويصطحبني بعيدًا.
أُحاول الخروج للمرة الأخيرة، لأحطم الحائط الذي يعيقني، أزحف أرضًا، أنفاسي تُهرول، وقفصي الصدري تكوّر، وصوت الألم مع الروح تطاير، لم اتسع حتى نفسي، شيئًا ما هتف داخلي، شي ما يهبط فجأة، وعمّ الهدوء ويداي ترتفعان، حيث رقدت روحي مجددًا في الزجاج ثم انتهيت.