فراق الأحبة
الإعلامية والكاتبة نانسي نبيل فودة
تتوالى الأيام يومًا بعد يوم، وعاما بعد عام، وحياة بعد حياة، والحقيقة بعد الأيام والأعوام والحياة هي الموت، فهي الحقيقة التي لا يستطيع أي مخلوق أن ينجو منها، ولا يستطيع أن ينكرها أحد، الكل يتذوق هذا الكأس، الجميع سيرحل ويغادر الحياة، الموت لن يفرق بين الغني والفقير والضعيف والقوي، فلو دامت هذه الحياة لغيرنا لما توالت الأجيال، جيل رحل وجيل أتى وجيل يولد، فلو كانت الحياة الدنيا تدوم لكان رسول الله حيًا باقيا، فلا يوجد الخلود في الدنيا؛ فهي فانية، وكل من حان أجله وانتهى عمره فلن يتأخر لحظة، حتى لو اجتمع عليه علماء العلم وأطباء العالم في شرق الأرض ومغاربها، قال تعالى: ((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ )) سورة الأعراف (34).
هذه الدنيا امتحان و دار ابتلاء، يمتحن فيها البشر بالصبر بأشكال مختلفة سواء كانت مصائب، أو أقدارا مؤلمة، وأعظمها مصيبة الموت، وفراق الأحبة يمر به كل إنسان سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، بارًا أو عاقا؛ فهو فاجعة تهز كيان كل إنسان، تذهبه إلى النظر والتمعن إلى ضعفه وقلة حيلته أمام عظة الموت التي تخطف من نحب فهم يرحلون عن هذه الدنيا وتعتصر وتتألم قلوبنا على فقدانهم، فالأعظم من ألم الموت هو ألم الفراق ، فهم هؤلاء الأحبة الذين رافقونا وراعونا في حياتنا وكنا سعداء معهم، فما لنا إلا أن نتذكرهم ونذكرهم بكل ما هو خير، فكانوا بالأمس إلى جوارنا؛ تتردد كلماتهم في آذاننا ،خائفين علينا من آلام الدنيا ، كرسوا أنفسهم كساتر لرد أي حزن عنا، مطمئنين علينا بين الحين والآخر ومواسين لنا في الشدائد والمحن، وهم اليوم تحت التراب ينتظرون منا أن نرد لهم جميل صنعهم وحبهم لنا، بأن لا ننساهم ما حيينا، فكم من دموع سقطت حزنًا على الفراق، خففت كثرة الدموع كثرة الدعاء والصدقات، حتى نرافقهم ونلحق بهم في دار الحق.
اللهم ارحم كل عزيز وغال فارقناه.