مقال : بدم القلب مطبوعة
مهنا بن صالح اللمكي
في قريتي قلت لمسجد طيني خذ روحي إليك قليلا وارحل بها إلى تلك الأرواح التي كانت تجلس على مقاعدك الصاروجية في سرحك الأمامي ونسجت آلاف السعفيات مطرزة بحكايات الصباح والمساء ، وإلى ذلك المعلم الكهل الذي يحمل مصباحه البدائي عند الفجر وفي يوم ماطر ليشق طريقه بين أشجار النخيل ويحفه ظلاماً معطرا بهدوء الماضي وإمتزاج رائحة خبز البر وسعف النخيل الذي يشعل به تحت الموقد ورائحة الطين بعد المطر.
ورغم كل مافيه من منكدات نظن كما جرى الظن بالماضي إنه كان بسيطا ، كنا نتحدث إلى بعضنا البعض أكثر ونكتب عبارات ينطق بها القلب قبل اللسان ،
ًلم تكن المشاعر ” قص ولصق “.
وقبل شهر من الآن أعادت مناسبة خاصة بالأهل ذكرى ذلك الزمان ، حيث قرروا الذهاب جميعهم في حافلة إلى مسقط لحضور عقد قران أحد أفراد العائلة ، لم يكن الحضور بالمستوى المطلوب ولكن تنفيذ الفكرة أعادت الأمل في قلوبنا وأدخلت البهجة في النفوس ، وللأسف لم أكن من ظمن الحاضرين لظروف المت بي ، وكنت أتحسر على ضياع هذه الفرصة لأعيش مشهداً قصيرا يعتبر جزء من فعاليات الماضي ، حيث كانت تحركاتنا كعائلة وأهل وجيران بشكل جماعي في جميع المناسبات، أفراح أو عزاء ، وفي منظراً مهيب وطابور طويل يتقدمنا أكبر سناً
وفي الجهة الأخرى إمرأة عجوز تقطع وادي من حجارة لتصل رحمها ، مكررة العملية بشكل يومي ، حاملة معها بما جادت به الأرض من خيرات وبعض من زهور الكيذا والياسمين .
وأخرى تأتي من أقصى المدينة قاطعة عشرات الكيلومترات ، وعند إجتماعنا في منزلها يوم من الأيام كادت فرحتها لا توصف حيث قالت : ” اليوم عندي عيد العود ”
ذلك سرداً موجز لأعرافهم وحياتهم وعادات كانت ” بدم القلب مطبوعة.