2024
Adsense
مقالات صحفية

الطاقة المتجددة ودورها في دعم التنمية الاقتصادية في سلطنة عُمان

د. حسين كاظم الوائلي
متخصص في الطاقة
أستاذ مشارك – جامعة صحار

إن عام 2008 شهد أزمة اقتصادية عالمية خانقة نتيجة انخفاض أسعار العقارات بشكل حاد في النصف الأول من عام 2007 وتعثر المقترضين وامتناعهم عن السداد، ولا سيما القروض الممنوحة في رهونات وضمانات غير كافية؛ مما جعل الأسواق المالية الدولية وبخاصة الأمريكية منها تعاني من صعوبات وتعثرات في تسديد الالتزامات المالية ومستحقاتها، وانعكس هذا على ارتفاع أسعار النفط وانخفاضه بشكل سريع مما أدى إلى انهيار اقتصادي عالمي أو كما يعبر عنه بأزمة مالية عالمية.

ورغم تبني العديد من الدول برامج الإنقاذ المالية والإجراءات التي تمثلت بدعم المصارف وشراء الأصول الهالكة بمئات المليارات بدأت اقتصاديات الكثير من دول العالم بالتعافي التدريجي، لكن آثار هذه الأزمة استمرت، ثم عادت الأزمة الاقتصادية لتضرب من جديد عام 2014، وتكررت الأزمة الاقتصادية مرة أخرى عام 2020 مع حدوث جائحة كورونا حيث تغيير العالم، ثم بدأ يتعافى ببطء مع انحصار الجائحة، هذا التباطؤ والركود العالمي واضح وانعكاسات هذه الأزمات تجدها في كل دول العالم من حيث شحة الوظائف وارتفاع نسب البطالة وازدياد تسريح العمالة.

إن التعامل مع الأزمة الاقتصادية اختلف سلبًا أو إيجابًا، ومن المفيد في هذا المقام التعرض للتجربة الإيجابية الصينية والتفكير الصيني تجاه أي أزمة حيث إنها تتيح فرصة، أي أن الصين بداية تمتلك تصورًا إيجابيًا للتعامل مع الأزمات. ففي تعامل الصين مع الأزمة المالية العالمية، ومع تباطؤ النمو العالمي وتوقعات بتراجع الصادرات الصينية، اتجهت الصين للداخل لتضخ مليارات الدولارات لمشروعات البنية الأساسية ولمشروعات تحسين ظروف البيئة، وتحضر المناطق الريفية والتحول نحو الطاقة المتجددة والاستدامة مع تنوع كبير في مصادر الدخل؛ مما أنقذ الاقتصاد الصيني من الدخول في دوامة الركود. وقد نجد تشابها في سلطنة عُمان لكيفية التعاطي مع الأزمات الاقتصادية من بعض الأوجه، وهنا نود الإشارة إلى الطاقة المتجددة ودورها في دعم التنمية الاقتصادية في سلطنة عُمان، والدور المهم الذي تلعبه وزارة الطاقة والمعادن لدعم الاقتصاد العُماني.

وفي النقاط التالية نستعرض أهم وظائف وزارة الطاقة والمعادن فيما يخص جانب الطاقة مع إشارات للتطوير:
1. تعزيز كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة: تعمل وزارة الطاقة على تقليل استهلاك الطاقة وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة. وهذا يشمل مبادرات لدعم تطوير تقنيات كفاءة الطاقة، مثل عمليات تدقيق الطاقة، وخطط الحوافز وأنظمة إدارة الطاقة. وتجدر الإشارة إلى أهمية وضع الخطط والمبادرات في هذا المجال التي تصب في رؤية عُمان 2040، مع الأخذ بنظر الاعتبار إجراء الدراسات التفصيلية مسبقًا بملاحظة التغيرات والتوقعات المستقبلية لضمان نجاح المشاريع.

2. تطوير البنية التحتية: وزارة الطاقة والمعادن هي المسؤولة عن الإشراف على تطوير البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك خطوط النقل ومحطات الطاقة وأنابيب النفط والغاز، كما تعمل على ضمان التشغيل الفعال والآمن لقطاع الطاقة. ومن الإنجازات الجديدة في مجال الوقود الأحفوري إنتاج الغاز من حقل مبروك شمال شرق منطقة الامتياز 10. وهنا لا بد من التشجيع على التنقيب عن مصادر جديدة. كذلك من المفيد وضع الخطط المستقبلية في مجال الطاقة المتجددة وبتفصيل حتى عام 2040 وعرضها على المتخصصين في الجامعات والمراكز البحثية في عُمان للمشاركة بالخبرات لإثراء التجربة ومواكبتها خطوة بخطوة.

3. دعم الابتكار: تدعم وزارة الطاقة والمعادن جهود البحث والتطوير في قطاع الطاقة، حيث يوفر التمويل للبحث في تقنيات الطاقة الجديدة ويعمل على تعزيز اعتماد هذه التقنيات. وهنا نجد أن من المفيد زيادة الوزارة ومشاركتها لدعم الابتكار والبحث العلمي في مجال الطاقة، والتعاون مع وزارة التعليم العالي والابتكار لإشراك الجامعات في هذا الصدد، وهذا بدوره سينعكس إيجابًا على قطاع الطاقة والتعليم من جهة ويخلق جيلا جديدا يواكب التجربة ويشارك في صنع المستقبل.

4. تعزيز الوصول إلى الطاقة: تعمل وزارة الطاقة والمعادن على ضمان وصول جميع المواطنين إلى خدمات الطاقة. ويشمل ذلك مبادرات لتعزيز الوصول إلى الطاقة في المناطق الريفية والنائية، فضلًا عن الجهود المبذولة لتوفير طاقة ميسورة التكلفة للأسر ذات الدخل المنخفض. ومع زيادة التعداد السكاني والنمو الصناعي لا بد من الإشارة لأهمية التخطيط المستقبلي في توفير الطاقة للمستهلكين بجودة واستقرار دون انقطاع وبأسعار معقولة. وهنا سيكون دخول جانب الطاقة المتجددة داعما أساسيا لتلبية الطلب وتقليل الضغط على استهلاك النفط والغاز والذي سينعكس إيجابًا على زيادة الصادرات العُمانية ودعم الاقتصاد.

5. إدارة موارد الطاقة: وزارة الطاقة والمعادن تأخذ على عاتقها إدارة موارد الطاقة في البلاد، بما في ذلك احتياطيات النفط والغاز ومصادر الطاقة المتجددة. وهي تشرف على تطوير وتنفيذ سياسات وأنظمة    وتشريعات الطاقة وهنا لا بد من الإشارة إلى مشاريع  الطاقة المتجددة ومبادراتها سيما الطاقة الشمسية والرياح ودخول إنتاج الهيدروجين إلى معادلة الطاقة في عُمان، وهو أمر إيجابي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أسعار الهيدروجين اليوم بين 4 إلى 6 دولار أمريكي للكيلوغرام مع توقعات المنظمة العالمية للطاقة بانخفاض الأسعار إلى 1.5 دولار للكيلوغرام للفترة 2028-2030. وهنا لا بد من التنويه إلى ضرورة التأكد من وجود أسواق لشراء الهيدروجين العُماني مع وضع تصور واضح لعملية التصدير، كما أنه من المهم استهلاك بعض الهيدروجين في تطبيقات داخل عُمان على صعيد الصناعة والنقل، وكذلك لا بد من إجراء دراسات تفصيلية تأخذ بنظر الاعتبار التأثيرات المناخية على أداء المنظومات الشمسية التي ستكون في الدقم بشكل خاص والساحل العُماني بشكل عام، وأخيرًا يجب التأكد من خلال الدراسات أن لا تكون المواقع المحددة لإنشاء البنية التحتية لهذه المشاريع الاستراتيجية معرضة للأعاصير خصوصًا أنها قريبة من الساحل. أيضًا يتطلب مراجعة التشريعات وتطويرها المرتبطة بقطاع الطاقة الشمسية حيث يكون مفيدًا في فتح سوق واعد لدعم الاقتصاد وتوفير فرص العمل للشباب.

إن قطاع الطاقة عنصر أساسي لدعم التنمية الاقتصادية في سلطنة عُمان، وسيكون دعامة مهمة لممانعة أي أزمة اقتصادية، وسيكون للطاقة المتجددة دور مهم في ملف الطاقة العُماني وفي مشاريع البنية الأساسية في القادم من الأيام.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights