رحلتي إلى شمال إيران (٣) محطات الرحلة وبرنامجها (الجزء الأول)
خلفان بن ناصر الرواحي
بداية التجوال:
بعد وصولنا لمدينة (كلارديشت) بشمال إيران مساء الأربعاء ٣ أغسطس ٢٠٢٢م، وهي مقر الإقامة لنا لهذه الرحلة التي سوف نقضيها في ربوع الطبيعة الخلابة بشمال الجمهورية الإسلامية الإيرانية المتميزة بجوها المعتدل في هذه الفترة من الصيف، فدرجات الحرارة بين ١٦ إلى ٢٥ درجة مئوية تقريبًا، مع وجود بعض زخات المطر المتقطعة بين فترة وأخرى، فقد كانت البداية للتجوال صباح اليوم الثاني وهو يوم الخميس؛ حيث كانت البداية في ربوع (مدينة جالوس) لأماكن مختلفة بين أحضان الطبيعة، ومنطقة وجود التلفريك التي خصصت لنقل السواح للانتقال إلى أعالي الجبال الشاهقة في منتزه جالوس، تلك الجبال المكسوة بأشجار الغابة العالية المفروشة ببساطها الأخضر المريح للقلب والأعين.
علمًا بأنه هناك عدة مناطق مخصصة بشمال إيران لمثل هذه الوسائل- التلفريك- وليست مقتصرة على مدينة جالوس فقط، وجميع هذه المناطق مرتبة ومنظمة على أنها مناطق ترفيهية وسياحية تتوفر بها المساجد، والمطاعم والمقاهي، وألعاب الأطفال، ويمكن المكوث بها لقضاء يوم كامل على بساطها الأخضر.
قضينا يومنا الأول في منتزه جالوس الرائع حتى الساعة الرابعة والنصف عصرًا، ثم عدنا لمقر إقامتنا، وفي طريقنا أخذنا استراحة بسيطة تحت ظلال أشجار الغابات المنتشرة على مسار الطريق، وتناولنا القهوة العربية مع بعض حبات الرطب الذي أخذناه معنا من سلطنة عُمان، وبعض الفواكة الطازجة المحلية الإيرانية التي اشتريناها من إحدى الأكشاك المتوفرة على مسار الطريق.
حقًا إنه يومٌ رائع، والبداية أنستنا تعب السفر، ومشقة الطريق من مطار الخميني بالعاصمة طهران في ليليتنا الماضية، وجعلتنا أكثر ارتياحًا، ومنحتنا دافعًا لتوقع الأجمل في تالي الأيام القادمة؛ لنستعد لليوم التالي بروح الشباب المتعطش لاكتشاف الجديد في عالم الطبيعة الساحرة.
اليوم الثالث:
في صباح هذا اليوم كنّا بكامل نشاطنا، وروح الحماس كانت حاضرة عند الجميع، فانطلقنا لوجهتنا في تمام الساعة التاسعة صباحًا بعد تناول وجبة الإفطار في مقر الإقامة؛ حيث يتم إعداده من قبل العائلة الكريمة دون الاعتماد على المطاعم والوجبات السريعة المتوفرة في السوق المجاور لمقر الإقامة.
إن برنامجنا لهذا اليوم كان جولة عامة في ربوع الطبيعة بمدينة جالوس أيضًا، وبمرافقة المترجم الإيراني، واسمه (كيا أميري) الذي كنت متعاقدًا معه لهذه الرحلة؛ حيث كانت هذه الجولة لأماكن جديدة، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية بالمزارع، وقد رأينا فيها العديد من أشجار الحمضيات والفواكة الأخرى، كأشجار الكيوي والبرتقال، واليوسفي، والكمثري، والتفاح، وكذلك مزارع الأرز والشاي، وسعدنا كثيرًا بالاستمتاع بجمال الجو العام، والطبيعة الخلابة بين أحضان المزارع والأودية الجارية بمائها الرقراق وسحر المنظر الماتع، فقد كان حقًا يومًا جميلًا وماتعًا أيضًا.
اليوم الرابع:
لقد كان برنامج رحلتنا لهذا اليوم لمدينة (رامسر)، فهذه المدينة يوجد بها قصر الملك شاه من العهد البهلوي الثاني، وهو معلم تاريخي مشهور على مستوى إيران، ويقدر عمره ٨٩ عامًا منذ بنائه، وقد تم تحويله إلى متحف منذ ٥٠ عامًا ليصبح معلمًا سياحيًا بارزًا ومتحفًا عامًا للسياحة، وشاهدنا فيه معروضات للمقتنيات والتحف والهدايا للملك وحاشيته، وبعض المصاحف القديمة والمخطوطات، والأواني الفخارية والخشبية والنحاسية، والتحف الثمينة أيضًا، والسيوف والعصي، وبعض الأسلحة البيضاء الخفيفة، فبعضها تاريخها يعود لأكثر من مائة عام.
وللدخول لهذا المعلم يتطلب دفع رسوم تبلغ كلفته ٢٥٠ ريال إيراني للفرد، أي ما يعادل بالريال العُماني حوالي ثلاثة ريالات ونصف، كما تتوفر به أيضًا كافة الخدمات من مسجد ودورات مياه عامة للرجال والنساء، وبعض الألعاب الخاصة بالأطفال، وبه حدائق جميلة يمكن الاستجمام والاستراحة بها، ويستغرق وقت الوصول إليه من مدينة كراديشت ساعتين ونصف تقريبًا، وهو مكان جميل ويستحق الزيارة.
اليوم الخامس:
كانت الزيارة لمنطقة (رودبارك) التي تتميز بجمال واديها المتدفق بنهرها الجميل المنساب من أعالي الجبال، وهذه المياه تصل باردة جدًا إلى أسفل المنطقة بسبب ذوبان الثلوج المتبقية من شتاء العام الفائت، كما توجد في هذه المنطقة سلالم على ضفتي الوادي تستخدم للصعود إلى مسافات متوسطة في الجبال؛ حيث تبلغ عدد درجات إحداها ٢٢٤ خطوة، بالإضافة إلى وجود جسر معلق بطريقة هندسية جميلة بالحبال الفولاذية لغرض عبور السائحين بين الضفتين لعبور مجرى الوادي، وعلى ضفتي المجرى النهري أشجار كثيفة، كما يوجد منتزه جميل به مظلات وألعاب أطفال، ومضابي للشوي، ومحلات بيع الهدايا والمواد الغذائية ومستلزمات الرحلات، ومجهز بدورات مياه عامة للجنسين، كما يوجد بهذا الوادي في قمم الجبال الثلوج، ويمكن الوصول إليها عن طريق سيارات الدفع الرباعي فقط.
اليوم السادس:
كان برنامجنا إلى (بحيرة ولشت)، وهي عبارة عن بحيرة مائية عذبة ناشئة من تدفق مياه الأمطار وجريانها من قمم الجبال، وتعد بمثابة منتزه سياحي عام، وبها يتم تأجير مراكب صغيرة بنظام الدواسات لمن أراد أن يعيش التجربة من صغار وكبار، كما يتوفر بها مركب صغير بنظام التوربين بنظام الوقود؛ حيث إن أجرة المركب الصغير بنظام الدواسات لعدد شخصين ٣٠٠ ريال إيراني، أي ما يعادل بالريال العُماني أربعة ريالات وثلاثمائة بيسة تقريبًا، وأجرة المركب لأربعة أشخاص ب ٥٠٠ ريال إيراني، أي ما يعادل سبعة ريالات عُمانية، والمركب الأكبر بمليون ريال إيراني، أي ما يعادل أربعة عشر ريالًا عُمانيًا. كما يوجد بمنتزه البحيرة مكان للجلوس وقضاء وقت الرحلة، ويتم حاليًا وقت زيارتنا لهذه البحيرة تهيئة المكان لمشاريع أخرى أيضًا، فبعضها ما زالت قيد الإنشاء.
للموضوع بقية، وسوف نتحدث عنه في المقال القادم (الجزء الثاني) بإذن الله.