ضحايا واقع ومواقع
اليقين بنت سيف بن سالم السعيدية
رغم التطورات التي حدثت في عالمنا بفضل التكنولوجيا على جميع الأصعدة وفي شتّى مجالات الحياة المعاصرة، فإن تكنولوجيا اليوم تختلف عن الأعوام السابقة؛ بحيث تحولت من الاستخدام المفيد إلى الاستخدام السيئ، وعالمنا اليوم ليس كالسابق حيث انتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من الاستغلالات الإلكترونية من قبل أشخاص وهميين، وهذه الثورة التكنولوجية صاحبتها في المقابل الكثير من الانعكاسات السلبية جرّاء سوء استخدام هذه التكنولوجيا بالطريقة المفيدة، والانحراف عن الأغراض المتوخاة منها؛ وبالتالي تبدت في تفشي مجموعة من الظواهر الإجرامية ألا وهي:
ظاهرة السرقات الإلكترونية وبالتالي تفشى الخطر في المجتمعات، ومع مرور الوقت ازداد عدد الضحايا التي وقعت في شباك الاستغلالات الإلكترونية الوهمية، حيثُ إنه من إحدى الجرائم المنتشرة بكثرة عبر وسائل تقنية المعلومات والمواقع والتكنولوجيا الإلكترونية هي السرقات الإلكترونية، فالكثير من الأشخاص الوهميين استخدموا التكنولوجيا لغرض سيئ بحيث يعود بالضرر للمجتمع، ولكن بعض الناس وصلوا لمرحلة الوعي بسبب التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، ولا ننسى أيضًا دور الإعلام والصحافة والكتب والمجلات والبرامج الاجتماعية في التحذير من هذا الأمر.
تختلف السرقات الإلكترونية التي حدثت فالوقت الحاضر، ففي السابق حدثت مثل هذه السرقات ولكن ليست كالتي عليها الآن، حيث أنها تكون أكثر تطورًا وابتكارية واستغلالية من السابق، فالضحية يقع في الفخ ولا يدرك سوء المنقلب.
ولهذه السرقات عدة صور تنتهي بأخذ وثائق رسمية، أو مال، أو معلومات أو صور خاصة، وتعتبر من السرقات التي حرمها الله؛ لأن السرقة هي أخذ الشيء غير المملوك بدون حق ولا إذن بطرق غير مقبولة في الشريعة الإسلامية، ولذا تدخل تحت أمر السرقة وهي من كبائر الذنوب حيث تزعزع الأمن والاستقرار في المجتمع، وهذا يتناقض مع مقصد سياسة الأمة وأمن الدولة فيعم الفساد والذعر؛ وبالتالي يتناقض مع مقصد إصلاح الأحوال الفردية والجماعية، وهذا الأمر محرم شرعًا بالكتاب والسنة في قوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38].
وقد فرض الله حَدَّ السرقة ليكون مانعًا لآفة السرقة فإذا طُبِّق على بعض الأفراد يردع البقية ممن تُوسْوسُ له نفسُه بهذا الأمر في المستقبل.
ومن الأمثلة على هذه السرقات جدًا كثيرة ومنها: انتشرت رسائل خطيرة على البريد الإلكتروني، فمجرد النقر عليها تنقله إلى خطر هؤلاء الناس الشرعيين؛ وبالتالي ينقلب الوضع ضده، وانتشرت أيضًا رسائل وهمية، فالكثير من برامج التواصل الاجتماعي كالواتس آب، الإنستقرام، تويتر، وبرامج أخرى توهم الشخص بالفوز في مسابقة ما، أو بهدية مادية، أو يقوموا بطلب كلمة مرور، حيث يتجسسوا على الضحية ويقع ضحية تحت السرقة الإلكترونية، و كثيرًا ما انتشر أيضًا في الوقت الراهن الكثير من الرسائل الإلكترونية من قبل نصابين يدعون فيها بأنهم أصحاب البنوك ويرسلون ملفات وصور للشخص الذي يريدون أن يحتالوا عليه لتخدع المستلم، فيظنها مرسلةً من رقم حسابه البنكي فيقوم بإدخال معلومات حساسة مثل؛ كلمة السر ورقم بطاقة الدفع ونحوها من المعلومات التي يستطيع من خلالها المحتال الوصول لحسابات المستخدم وسحب أمواله، وفي بعض الأحيان تكون هناك روابط تبدو وكأنها لمواقع إحدى الشركات أو المتاجر الكبرى مثل: أمازون وعلي بابا، وغيرها الكثير؛ فيدخل المستلم معلوماته، مثل: بيانات الدفع والعنوان لشراء السلعة التي اختارها، وبهذه الطريقة تتم سرقة معلوماته الحساسة وذلك بعد ما يحصل اللص على كلمة السر واسم المستخدم، ويحدث هذا الأمر عند بيع الشخص لأجهزته الإلكترونية، كالهاتف والكمبيوتر، فبالرغم من مسحها إلا أن اللصوص المحترفون يستطيعون استعادة الملفات المحذوفة.
فأحيانًا تصل للشخص اتصالات هاتفية من مجهول يقوم بسرد الأكاذيب وكأنه عامل في شركة المايكروسوفت؛ ليقوم بإصلاح ويندوز بالحيل والأكاذيب، والمستخدم يقبل دعوته للاتصال بجهازه عبر الشبكة الافتراضية، وحينها المحتال يتجسس على المعلومات السرية: كالصور الخاصة، والهوية الشخصية، والملفات الرسمية.
ومن الفئات المستهدفة في هذه السرقة هي جميع الفئات العمرية، سواء أكانوا كبارًا أم صغارًا ومن مختلف البلدان، فجميع الأشخاص معرضون لمواجهة هذه السرقات؛ لذلك على الناس توعية أنفسهم بأنفسهم لمعرفة كيف يواجهون مثل هذه السرقات الخطيرة التي تخترق أجهزتهم، فالمحتالون بالطبع أذكياء وإذا لم يصل الأشخاص لمرحلة الوعي والإدراك فإنهم سوف يقعون ضحية لهم.
إن الاحتيال غالباً ما ينجح؛ لأنه يبدو كالشيء الحقيقي الذي لا ضرر فيه، ومن وجهة نظري على أي شخص في عالمنا المليء بالتطورات التكنولوجية توعية نفسه بصورة مكثفة من أجل عدم الوقوع كضحية في هذه العملية الاحتيالية التي من الممكن أن تدمر الشخص ماديًا ومعنويًا، ومن الممكن أن تترك أثرًا دائمًا في حياة الشخص؛ ومن أجل هذا هناك الكثير من طرق الوقاية التي تقي الشخص من شر اللصوص ونذكر منها:
– تمييز المواقع والشركات ذات الثقة من غيرها تساهم في حماية المستخدم؛ فعليه التعامل مع الشركات الكبرى المعروفة، مثل جوجل، وأبل ونحوهما، والابتعاد عن الشركات التي تبدو غير آمنة ولا يشتمل موقعها على أنظمة حماية المواقع، ومن الأمثلة لأنظمة حماية المواقع الموثوق بها أن يبدأ عنوان الموقع بالرمز:(http://) بدلًا عن(https://)
– استعمال شركات الأمن الإلكتروني التي تقدم خدمة تأمين شامل للمواقع، ومن أمثلتها:
.(SiteLock)، ( Comodo SSL)، (SquareTrade)،
حيث تتصف الشركات الموثوق بها إنها تكون خالية من الإعلانات المزعجة، فهي شركات كبرى ومنتشرة عالميًا، ويكون لها موقع احترافي ومميز، فعادة ما يثير الشبهة حول الموقع أو الشركة إنها توفر خدمات مجانية دون أي مقابل، فأغلب الشركات التي توفر خدمات مجانية يكون هدفها هو التجسس وسرقة البيانات ومواقعها تكون مليئة بالدعايات، وعادة: تمتاز باحتوائها على الصور ذات الألوان الصارخة والقوية، ومن الممكن أن يحتوي الموقع على نوافذ منبثقة تطلب من المستخدم الإجابة على سؤالٍ ما بالضغط على زر، وبعدها مجموعة من الأسئلة وبعض الإغراءات حتى يدخل المستخدم في الكثير من المتاهات وتجعله يشتري أغراض لم يريد شراءها؛ فهنا تم خداعه وتضييع وقته والحصول على معلومات منه.
– عدم الرد على أي اتصال من رقم مجهول؛ لأنه من الممكن أن تنتقل بياناته بزرٍ معين؛ وحينها يتعرض للسرقة الإلكترونية. فالحذر واجب من جميع الرسائل البنكية المزيفة، وبما أن الطلاب لديهم حسابات بنكية؛ فعزيزي الطالب أو الطالبة عليكم التأكد من أي رسالة قبل المغامرة في الدخول في تفاصيل الرسائل المزيفة، فلا تضع كلمات المرور أو أي وثائق في الأجهزة دون تأمين أو حماية قوية.
نعم، إن السرقة بلا شك عملية لا أخلاقية وتتناقض مع مقصد تهذيب الأخلاق، فالمحتالون يستغلون التكنولوجيا الإلكترونية بطريقة ذكية قد تكون على شكل وظيفة مزيفة، مبلغًا مغريًا، اتصالًا هاتفيًا، روابط مهكرة للأجهزة الإلكترونية، رسائل مزيفة؛ فعلى المجتمع وقاية أنفسهم من هذه الظاهرة السيئة، فينبغي الحذر من جميع الرسائل المشبوهة وعدم التسرع بفتح أي رابط إلا بعد التأكد من الجهة كالبنك وغيرها، وتجنب التعامل مع الشركات غير الموثوق بها، ومع مرور الوقت واستخدام المستخدم للإنترنت بشكل هائل؛ سوف يكتسب الخبرة التي تجعله يحدد إذا ما كان الموقع أو الشركة آمنة أم لا.