2024
Adsense
مقالات صحفية

جولة في ربوع محافظة الداخلية

الجزء الثالث

خلفان بن ناصر الرواحي

لقد تحدثنا في الجزء الثاني عن زيارتنا لحارة العين بقرية إمطي التابعة لولاية إزكي، وسوف نواصل حديثنا في هذا المقال عن بقية تفاصيل الرحلة في محطتنا الثالثة بولاية بُهلاء.

بعد زيارتنا لقرية العين، انطلقنا بعد أداء الصلاة وتناول وجبة الغداء إلى وجهتنا القادمة ومحطتنا الأخيرة من هذه الجولة في ربوع محافظة الداخلية من سلطنة عُمان، فكان المكان الذي وضعناه في خطتنا ليكون زيارة سوق بُهلاء، ومصنع الفخار لأحد الأهالي بولاية بهلاء وهو “الوالد سعيد العدوي” الذي ما زال يمارس هذه المهنة منذ فترة طويلة؛ وذلك حسب المعلومات التي تعرفت عليها من إحدى المقاطع المصورة في وسائل التواصل الاجتماعي، وأثارت فضولي للتعرف عليه عن قرب، ولغرض شراء بعض المصنوعات الفخارية، وعقدنا العزم على أمل تحقيق ذلك الفضول لزيارة المصنع هذا على وجه الخصوص، وزيارة سوق بُهلاء للتعرف عليه عن قرب للأسرة، فشخصيًا كانت لدي عدة زيارات سابقة ومتكررة لهذا المعلم التاريخي الذي ما زال قائمًا، وقد نال نصيبه من أعمال الترميم وإعادة البناء من قبل الحكومة.

عند وصولنا لسوق بُهلاء في تمام الساعة الرابعة عصرًا، قد كانت بعض المحلات مغلقة وبعضها بدأ التجار في افتتاحها بعد استراحة الظهيرة، وبعضها كان مغلقًا لظروف يوم الجمعة وبعض الظروف الأخرى المتعلقة بالحركة التجارية في هذا الوقت، وخاصة في جائحة كورونا (كوفيد-١٩) التي ألقت بظلالها السلبية على الحركة السياحية والاقتصادية، ومن حُسْنِ حظنا وجدنا بعض المحلات التجارية كانت مفتوحة، وكانت أيضًا فرقة الفنون الشعبية التقليدية تقيم رزحاتها التي تشتهر بها الولاية على وجه الخصوص ومحافظة الداخلية على وجه العموم، وكانت الفرقة الرجالية موجودة على بوابة السوق من الجهة الشرقية الشمالية متجهة إلى الغربية الشمالية، والتقطنا بعض الصور لهم من أجل التوثيق، وكذلك بعض الصور من أركان السوق.

يقع سوق بُهلاء مباشرة عبر الطريق الرئيسي المؤدي إلى قلعة بُهلاء، وهو جزء من واحة ولاية بُهلاء، وتبلغ مساحته حوالي 4493 متر مربع، ويشمل مجموعة من 142 متجر تقريبًا تباع فيه مختلف المنتجات المحلية، والسعفيات، بما في ذلك المواد الغذائية، والبذور، والأعلاف، والأدوات المنزلية والأعشاب والتوابل والسلع الفخارية، والخناجر والسيوف، والقطع الأثرية الفضية والنحاسية وغيرها من العناصر اليدوية التقليدية، وقد تم بناء السوق في الأصل باستخدام الطوب الطيني، ولكن تم تجديد بعض متاجره مؤخرًا، وهي الآن مصنوعة جزئيًا من الكتل الخرسانية.

بالإضافة لذلك؛ فإن سوق بُهلاء يعد من المعالم المهمة التي تندرج ضمن عناصر موقع واحة ولاية بُهلاء المسجلة في قائمة التراث العالمي بتاريخ 9 ديسمبر 1987؛ حيث يضم موقع الواحة أسواقها التقليدية، وحاراتها القديمة، ومساجدها الأثرية، وسورها الذي يبلغ طوله ما يقارب 13 كم، ويعود تاريخ بنائه إلى فترة ما قبل الإسلام، ويقع عند سفح المنحدر الغربي للهضبة التي تضم قلعة بُهلاء التاريخية العظيمة التي يتم ترميهما من سنوات.

إن أصالة هذا المعلم الأثري الصامد تعدّ المؤشر الأول والمحدد الأساسي لقيمته التاريخية، وهي بلا شك الشغل الشاغل للأثريين والمعماريين، والمهتمين، والعاملين في حقل التراث سواء على المستوى الوطني أو العالمي، فهي تحدد القيمة التراثية للموقع والمعلم، وتبين قدرته الفائقة على الصمود عبر العصور كقيمة ثابتة دون أن يلحقها أي أذى أو خلل يخدش خصوصيتها، ويبدل مظهرها وشكل صياغتها الأولى؛ وهذا ما لمسناه في معالم هذا السوق العريق خلال هذه الجولة.

وبعد جولتنا بالسوق، وبعد السؤال عن موقع مصنع سعيد العدوي عن طريق أحد التجار بسوق بُهلاء الذي أرشدنا للوصول إليه؛ توجهنا مباشرة لذلك المصنع إلا أنه لم يكن مفتوحًا، ولم يحالفنا الحظ بالتجول بداخله والتعرف على مراحل تصنيع الفخاريات بالطرق التقليدية التي يمارسها العدوي حتى الآن، واكتفينا بالتجول خارج المصنع والتقاط الصور لأحواض تجميع التربة المستخدمة في صناعة الفخاريات، على أمل العودة في زيارة أخرى متى وجدنا الوقت المناسب لذلك.

وهكذا ختمنا جولتنا في ربوع محافظة الداخلية، وعدنا بحصيلة من المعلومات التي حاولنا بسطها في هذه المقالات الثلاثة، وعدنا مستمتعين بما شاهدناه، وكان الانطباع العام من الأسرة حافلًا بالارتياح، ولله الحمد.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights