رايات السلام
مهنا اللمكي
عبر صورة في صفحة أحد الزملاء على الفيس بوك، رحلت إلى ذلك الراعي الصغير حول قريتنا ، والذي لم تشغله وسائل التواصل الأجتماعي وملوثاتها، ولم يدخل في نقاشات لا طائل منها ولا فائدة سوى التفرقة ، يخرج في الصباح الباكر بأغنامه وكلبه الوفي ، يتبادل معه كسرات من التمر بحليب الأغنام الطازج .
عاش ذلك الراعي في سلام مع النفس كحال الكثير من الناس في تلك الفترة، غرسو ا رايات السلام في قلوبهم ،حتى وإن كانت ذرة حقد أو كره في قلب بعضهم على الآخر فسرعان ما يتلاشى عند اللقاء .
ولكن في يومنا هذا وبعد أن جاءت وسائل التواصل الاجتماعي سهلت على زيادة الشرخ والهوة وخاصة بين الأهل والأصدقاء ، فالكتابة خلف شاشات الهاتف بما يخطر في القلب من نقد وكلمات جارحة أسهل بكثير ويكاد يستحيل ويصعب نطقها عند اللقاء وجهاً لوجه.
وسائل التواصل الاجتماعي اسم على غير مسمى فهي تواصل فقط ، أخذت من وقتنا وصحتنا الكثير وغابت عنا نكهة اللقاء بالأهل والأصحاب ، فقدنا ساعات السمر بعد العشاء ،نتحلق حول نار هادئة شتاء ، أو نتابع برنامج تلفزيونياً ، ننهل من ثقافات العالم عبر مصادره الموثوقة ، أصبحنا لانميز بين الغث والسمين من كثرة مايردنا من أكاذيب وإشاعات.
لغة الأنامل أفقدتنا الكثير ممن كنا نعزهم ونقدرهم وفرقت بين الأحباب والأخوة والأصحاب ، بسبب سوء ظن أو عبارات غير مقصودة.
فما أحلى العودة من جديد وأن نُطَلِق هواتفنا ولو على سبيل التجربة لنطفيء نار الحقد وترفرف رايات السلام كما كانت في قلوب أثقلها العتب والجفاء.
