وما كان ربك نسيّا
الكاتبة والإعلامية
نانسي نبيل فودة
يغترّ الإنسان بنفسه إلى حدّ ظُلم العِباد، ويستخدم جميع الوسائل الممكنة لإقناع الغَير، هدفه الأوحد هو تصديق البشر له أنه على حق، وأنّ ما يفعله الآخَر هو الظلم بعينه، مستخدماً جميع وسائل الخِداع للآخَر، مع وجود أشخاص معاونين له على هذا الخِداع دون نصح أو إرشاد، همّهم الشاغل هو إقناع البشر بالباطل، يخشون على الدنيا وتناسَوا الآخرة، وتمادوا بالظلم والكِبر والعظَمة، نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أنصتوا إلى شياطين الإنس والجن، وأوهموا الغير أنه على باطل وهم على حق، مستعينين بجميع أنواع الكذب والخداع والنفاق والغدر حتى يصلوا إلى أهدافهم الظالمة.
سعى الكثيرون بالنصح لهم، ولكن دون جدوى، تمادوا أكثر فأكثر، يريدون إرضاء فئة من البشر التي تلوّن لهم الظلم في شكلٍ ورديّ، فهم سعوا إلى جذبهم وإقناعهم ليكونوا عصبة ظالمة، بكل معاني الكلمة، تمادوا في شهادة الزور، ودفن الحقائق، ومحاربة الوصايا، ورسموا الظلم في صورة أفلام يسردوها للغير على أنهم أبطال أوفياء وهم في الحقيقة يتلوّنون بجميع أنواع أقنعة الظلم، قويَ ظلمهم إلى أنهم نسوا أن هناك ربّ للعباد، إلى أن رفع المظلوم يديه إلى السماء، راجياً الله تعالى، داعياً دعاء المظلوم الذي وثق بنصر الله، فقد سعى إلى النصح، فجاء التهكم والغرور، فسعى للإصلاح، فجاء الهدم والتخريب والترهيب، وثباته على الحق بفضل الله جعله أقوى الناس، فهو على يقين أن الظالمين لن يطول ظلمهم، فهي آيات الله في الكون، فكم من قوم ظلموا أنفسهم، فأذاقهم الله العذاب، فهي أرصدة متروكة لنا لنحسن استغلالها في الدنيا، ويوجد لنا أكثر من محاولة للتوبة للرجوع عن ما نحن فيه من ظلم وأكل حقوق الغير، فإن نفذت أرصدتنا في الدنيا، دون أن نحسب لها حساباً، فهي النهاية، فنحن البشر أضعف من أي شيء، لماذا نغترّ بأنفسنا، و نظلم غيرنا، ونستمع إلى من يحرضون علي الأذى؟ فهم لا يملكون الخير لأنفسهم، حتى ننصت لهم ونستبدل كل ما نهانا الله عنه لإرضائهم، فأنت ذاهب بمفردك إلى النهاية في ظلام موحش، لا يستطيع أحد منعه عنك أو الإنارة لك، فعملك هو من يقودك إلى النور أو الظلام، الجنة أو النار، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا”} سورةمريم،الآية ٦٤. فما من مظلوم دعاه إلا رفع دعوته فوق الغمام وفتح لها أبواب السماء، وقال:
“وعزتي، لأنصرنك ولو بعد حين”.