2024
Adsense
قصص وروايات

في المقهى..

شريفة بنت راشد القطيطية

كان ٱخر لقاء بيننا، وكان طويلا بطول المسافات وإحتراق الغابات وإمتلاك الخفقات، لم يبق سوانا في المقهى، وألم تنهشه حوافر الأقدام الراحلة وامواج فناجين القهوة المشروبة، وصمت العربات في الشارع، وهمس النادل كي نرحل، وكلانا ملتصق بالٱخر، كأنه يحكي وداعا أبديا وسماءا معلقة بالثوب الأسود، وتأخر الوقت، لم يبق إلا صرير أبواب المطبخ وصوت فناجين تُغسل، وصوت خفيف ينذرنا..هل ستنامان الليلة هنا!، ونحن نجيب بعينينا ونتمسك أكثر بأيدنا، ونجيب : عذرا ننتظر الفجر كي يوصلنا لممر بزوغ الشمس ونعود لبيتينا.

خطواتنا تثاقلت نحو الباب، وأنوار الشوارع نعست وتباطأت الخطى كيف نودع بعضنا ونحن نرتدي نفس المعطف ونستقل نفس الحافلة ونتنفس نفس الهواء وايدينا معقودة الأصابع وكل له تابع، ويقول سأوصلك اولا ثم أعود ملتحفا شفاتك بدفئها وأنتظر لهفتي لك ليوم ٱخر، ودمعاتنا في طرف العين، لا يمكن أن ابقى وحدي وسماؤك تمطر دفئي، وأنت جزء من ضلعي، دعنا سويا ننتظر الشمس.

بزغ الفجر في أوراقنا ونحن نتجول في الطرقات، وأذهلتنا المراسى فارغة من النوارس وعطشى من السفن!، هل سيأتي الجميع مع الشمس؟، هل تترك يدي مع مجيء الشمس وقلبي هل سيوجد له خفقات أحلى معها؟، لا نريد ان نترك أيدينا تُسرق في غابات اللهفة وأدغال الحنين، نريدها متوقدة كالشمس وجمال الهمس، إن تجربتنا معا تعد مراس ٱمنة لسفينة أثقلها السفر وتوقد فيها الضجر .

أشرقت الشمس وخيوطها صنعت لنا مراجيح مملوءة بالياسمين، وألف حكاية وحنين، ونحن نتسابق نحو العمر ويكبر حبنا بكل الفخر، وسنواتنا في الحب إكليل من الزهور، وتساءلنا لماذا لا نثبت الحب ونكون معا ونتحول إلى خمائل الورد ونقتصر المسافات ونغتنم العشق .

قبل رحيلهم سيحاولون تأليف سيناريو رائعا من أجل أن يجعلوك مذنبا بكل شيء، سيدفعونك للتخلي عن مسارك وإحتضارك، وسيمنعون عنك مرادك وإتجاهك، وسيشمل مع ذلك علاقات فاشلة مع الذات، ورحلة خالدة مع شلل السمو، ولكن لا تشعر بالذنب يا من سأرث له القوة وسأكتب على قبري إهتم بنفسك، لم نكن لنجعلك مذنبا، بل أردنا ان تشعر بالذات، وتصنع لنفسك الثبات وتقاوم أصغر الزلات، لتكبر ومعك حصيلة جما من الذكريات، ولنعد للمقهى ونشرب قهوة الصباح .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights