عندما تكون طيب القلب
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
عندما تكون طيب القلب يراك الناس بمنظور آخر عكس ما تتوقع منهم، يسيؤون بك الظن، تخلص لهم ويكيلون عليك التهم وأنت لا تدري بما في قلوبهم!
يظهرون لك الوجه الأبيض ويدسون السم في العسل، والهيل بالفلفل، لماذ؟!
هل تعلم أن من قام بذلك هم من يرونك أنك أفضل منهم؛ لذلك قرروا تشويه صورتك وصفحتك البيضاء عند من يحسنون بك الظن، وليبعدون عنك من هم في صفك.
للأسف أنت تتعامل معهم بحسن النوايا ولا تعلم ما يخططون له، وللأسف أنهم قد يصلون إلى مبتغاهم ويحققون مطالبهم بمساعدة من حولك.
حيث يقوم المقربين منك بالإبتعاد عنك وتنتهي بينكم الصراحة والوضوح، ويبدأ الغموض في التعامل ظنًا منهم أنهم يتجنبون ظن الناس فيهم؛ فيتحقق مراد من قام بهذا الفعل.
ونحن البشر دائمًا ما نخشى كلام الناس وهذه طبيعة فينا، نبتعد عن ما قد يشوه صورتنا أمام الآخرين، ولكن من هو الطرف المتضرر؟
المتضرر هو أنت ومن حاول أن يحمي نفسه؛ لأنه سيخسر كثيرًا حينما تسوء العلاقة بينهم وبينك، ويبدأ الخلاف بسبب سوء الفهم.
إذًا كيف نتعامل مع من يريد تشويه صورتنا أمام الآخرين؟
يجب أن لا ندع مجالًا لهم للدخول بيننا، وأن نوقفهم عند حدهم، وإن كان الطرف الآخر سيتأثر يجب أن نحاوره بلطف لمعرفة الأسباب، فإن تقبلها فأهلًا وسهلًا، وإن لم يتقبلها فنتركه وشأنه، ويجب أن نعلم أن ما يربطنا بهم مجرد مصلحة لا أكثر، والبعد عنهم غنيمة ولا تعد خسارة.
كثيرًا ما نرى مثل تلك المواقف أن يتغير فلان بمجرد أنه سمع عنك، فلو لم يفتح المجال لتلك الشياطين لما وصلنا إلى هذا الحال، ولكن من سمح لهم بالتغلغل إلى عقله وعواطفه تركه لكي يتعلم درسًا على سوء ظنه، ومن لم يسمح لهم بذلك فأهلا به أخًا وصديقًا وعزيزًا دائما.
العاطفة دائمًا هي المفتاح الذي يعمل عليه الشر ويؤثر بها، وكذلك هي من يستطيع بها الخير تغييرها إلى الأفضل، وتبقى نفس الإنسان هي الفيصل والحكم، فإن كانت نفسه طيبة لن يغيرها الشر وستظل زكية عطرة تحمل الود لمن أحسنوا لها بحسن النوايا، وإن كانت سيئة ستتغير وستزداد سوء لمن مد لها يد العون وأحسن لها.
فتفكر أيها الإنسان، أيها القارئ العزيز قبل الوقوع في شركهم، وجرهم لك إلى التهلكة والظلم وسوء الظن.
الحسد والحقد موجود ولا يستغل إلا طيب القلب حسن النوايا، فلا تعطي ثقتك لمن أراد تعكير فكرك والصيد في الوحل لينقل لك السوء عن من تثق بهم وتتبع مسارهم ليغيروا فيك حسن ظنك ونواياك؛ فالمعدن الطيب الأصيل لا يتغير وإن كان خوفًا وحذرا.
سيموتون قهرًا إن عاكست ما يريدون وإن لم تحقق أهدافهم! فأنت إنسان وميزك الله سبحانه وتعالى بنعمة العقل وتستطيع تمييز الخبيث من الطيب.
ولك أن تختار إما أن تتبع أهوائهم أو تصد شرهم وتحبط خبثهم، وعليك بالصراحة والمواجهة لتتضح الرؤية وتكتشف الحقائق، ولا تترك الباب مفتوحًا لكل من أراد تغيير سلوكك ليحقق ما يريد، ولا تفصح بنصف الحقيقة؛ بل إبحث عن الحقيقة كاملة، وصارح بها من ترى فيهم صدق النوايا.