الباب الذي لا يُغلق
وداد بنت عبدالله الجابرية
كُل الابواب أغلقت في وجهي، وكُلما ذهبت لأطرق بابا لم يفتح، ها نحن بعضنا يطرق الأبواب المغلقة، الأبواب البشرية التي لا تستطيع أن تحقق لنا أهدافنا طموحاتنا أمنياتنا حتى سعادتنا، أبواب البشر لا تجلب لنا كل ما نرغب به.
بعض البشر دائماً يطرقون هذا الباب في السراء والضراء، وهذا الباب دائماً مفتوح للمذنب العاصي وللتقي النقي، فبحبه وكرمه احتواهم ورزقهم من حيث لا يحتسبون، فكم من بشري طرق هذا الباب وتغيرت حياته كلها.
فهنا العديد والعديد من يأمرك وينصحك بأن تطرق هذا الباب المفتوح.
تقول إحدى الفتيات:
أمضيت من عمري وأنا ألجأ إلى فلان وفلان من أجل توظيفي، والدي، والدتي، إخوتي، أخواتي، جدتي، صديقاتي، كلهم كانوا يساعدونني، ولكن كُلنا كنا نطرق الباب المغلق في البحث عن الوظيفة، فلان لديه منصب وزير، وفلان منصب مدير، رغم علو مناصبهم ورتبهم ألا أنهم لا يستطيعون فعل شيء إلا بإرادة الله، ومرت الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات وأنا على هذا الحال، أطرق الباب المغلق وحينما شاءت الإرادة الإلهية تلقيت رسالة تدعوني إلى الصلاة الإبراهيمية، طرقت باب ربي، وما هي إلا أيام وتوظفت.
هكذا نحن البشر، نقول فلان أحد أقاربنا، ويمكنهُ أن يتوسط لنا في الحصول على الوظيفة.
وننسى وصية رسول الله، ونسينا كلام الله حينما ذكر في كتابه: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ على أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }
[الإسراء 88]
هنا بيان لنا على ضعف جميع المخلوقات سواء أكانوا بشرا أم من الجن.
ذكر في إحدى وصايا خير الأنام وأطهرهم *في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه ابن عباس قال: [إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ](رواه الترمذي، وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).* وهذا يؤكد بأنه لا يستطيع أحد أن يساعدك إن لم تطرق باب الله، فباب الله هو الباب الذي لا يغلق أبدًا.
تروي إحداهن قصتها، تقول:
أبي يمتلك منصبا رفيعا، ولكن منصبه لم يأتِ لي بنفع.
توفي أبي وأمي وإخوتي، ولم يتبقَ لي أحد منهم، فبقيت وحدي أعاني في أحزاني، فقد تخرجت من إحدى الجامعات، وبحثت عن الوظيفة المناسبة، ومع ذلك كان أبي يمتلك منصبا عاليا، ولكن منصبه لم ينفعني.
ومرت الأيام وأنا غارقة في أحزاني وهمومي، ولم يكن في المنزل سواي والخدم، وفي يوم كنت أقلب بين القنوات وإذا بآية قرآنيه غيرت مجرى حياتي، تغيرت حياتي كلها، والتزمت بديني، وابتعدت عن المعاصي؛ فأنعم علي الله بالوظيفة والشخص المناسب.
ستقولون أنها أقدار وحظوظ، ولكن هذه الحظوظ تأتي من باب واحد، وهو باب الله، التجئ إليه، لتتغير وتنعم بالحياة التي ترغب بها.
سارع قبل فوات الأوان، وادخل من هذا الباب، فلا أنت ولا أنا نعلم متى سيغلق هذا الباب، ولكن نعلم جميعنا بأن هذا الباب لا يرد أحدا، ففيه المحبة والرحمة والرزق.