من سيح المكارم أتت المكرمة
خميس بن محسن البادي
في السابع عشر من أكتوبر لعام تسعٍ وألفين للميلاد وفي ولاية صحار العريقة وعلى أرض سيح المكارم التقى المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -رحمه الله تعالى- بكوكبة من حرائر سلطنة عُمان إيماناً منه بالدور الريادي للمرأة العمانية بمساهمتها في خدمة هذا البلد المعطاء وأبنائه الأوفياء في المجالات المختلفة بالقطاعين العام والخاص وحتى من خلال بيتها، ليكون من بعده ذلكم التاريخ من كل عام يوماً للمرأة العمانية تحتفل فيه بلادنا العزيزة من أقصى جنوبها لأقصى شمالها بنساء عُمان الماجدات الكريمات، واليوم وبلادنا الغالية تشهد احتفاليتها السنوية بيوم نسائها فإنه لحق لها أن تفتخر المرأة العمانية بما تحقق لها من استقرار مجتمعي آمن ولله الحمد والمنّة فتهيأت لها من خلاله الأسباب المناسبة لتحقيق طموحاتها العلمية والعملية فتمهدت أمامها طرق البذل والعطاء في ميادين العمل المختلفة فشرعت على ضوء ذلك في التنمية والبناء جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل يخدمون سلطنة عُمان وأبناؤها البررة الكرام بكل حب وإخلاص، بل وفخر للرجل أيضاً أن ابنة بلده قد وصلت إلى ما نراه اليوم مما حققته المرأة العمانية على الواقع في شتى المجالات.
والأمر المسلَّم به هو أن المرأة العمانية الماجدة هي النصف الآخر للمجتمع إن لم تكن المجتمع بأكمله كما وصفها بذلك سماحة الشيخ الجليل العلامة مفتي سلطنة عُمان-حفظه الله ورعاه وأمد في عمره وأبقاه-، وذلك من منطلق أنها المربية الأمينة والفاضلة الكريمة صانعة الأجيال المتعاقبة التي يعوّل عليها تكملة المسيرة الظافرة لبناء هذا الوطن الشامخ الذي استخلفنا الله تعالى عليه نبنيه ونعمره بما يرضاه عنا جلّت قدرته وبما ينفع ويفيد الإنسان العماني الذي يعيش على ترابه الطاهر والمقيمين على أرضه أيضاً، وأن الحاضر والمستقبل إنما تنميته وتطويره مرهونٌ بإبداعات الجميع وفي مقدمتهم المرأة العمانية، فهي الأم المربية والمعلمة والموظفة والعاملة والمهنية والحرفية والمبتكرة والأديبة، فهنيئاً لكِ أيتها العمانية الماجدة وهنيئاً لسلطنة عُمان ورجالها بكِ، فيا أختي وأنتِ يا ابنتي لنا الفخر ونحن نرى فيكنَّ عزيمة الإصرار بالمساهمة في بناء وتطوير هذا الوطن الغالي وخدمة أبنائه المخلصين وقبل ذلك تنشئتكنَّ للأجيال التنشئة الصالحة الطيبة.
وأنفسنا اليوم مخبتة عليكن ونحن نراكن متسلحات بالإيمان والعلم مقرونين بهمة وعزم المرأة الآمنة المطمئنة في وطنها وبين أفراد مجتمعها لتؤدين الدور الخدمي المناط بكل منكنَّ في مواقع العمل المختلفة، ولكن وفي الوقت عينه فإن الحرص هنا أيضاً يحتم عليكنَّ الحذر، فالأخطار تحدق من حولكن وقد تعددت وتنوعت أشكال وأساليب المغريات المغرضة القبيحة الهادمة، فعن أيمانكن هناك ذئاب تعوي وعن شمائلكن ثمة كلاب تنبح ومن خلفكن شرذمة من طوارق الليل الضالة وبين أيديكن ألواح تنوعت شكلاً ونوعاً ولوناً تخفي تحت أزرارها قبائح عديدة من الأفعال والأقوال المرفوضة المنبوذة ومن أمامكن أغربة تنتظر السقوط والعياذ بالله، فاحذرن الوقوع في مهاوي السيئات يرحمكن الله وانأين بأنفسكن الطواهر عن أفخاخ المغرضين ومكائد المتربصين، فالحذر الحذر من مهالك المعصية حيث لا ينفع أسف ولا ندم، فهناك أقطار ومجتمعات أشركت وألحدت وكفرت بأنعم الله وتعدت حدوده الشرعية فاختلطت بينها الأنساب وتفككت الأسر فصارت مساكنهم يباب مقفرة قاحلة أهلها يتوقون شوقاً للحب والحنان والألفة والتماسك والوئام الأسري، فتولدت بذلك عقدة النقص في نفوسهم المشحونة بعلل معاناتهم العائلية المفككة ليكون ديدنهم محاربة استقرار واطمئنان ونقاوة وطهر المرأة المسلمة لما هي عليه من نعم الإسلام الذي كرّمها الله تعالى بنعمته فصان شرفها وعفتها وحفظ كرامتها وجنبها ربقة الجهل والتشرذم والحمد لله فصارت جوهرةً مُصانة ولؤلؤةً مكنونة في بيت أهلها وأسرتها.
وبذلك فقد دأبوا أولئك البؤساء على محاولات لضياع وتفتيت القيم وانحلال الأخلاق من الأمم محاولات بائسة كبؤس حياتهم لنشر العلل والسقم، فعليكِ أيتها العمانية الماجدة وأنتِ قد أعزك الله تعالى وكرّمكِ وقريناتكِ من بنات المسلمين العفيفات الشريفات، أن تكوني على قدر ما منحكِ الله سبحانه وتعالى من الطهر والنقاء والعفة والصفاء وعلى قدر ما منحك أبويكِ وأسرتكِ من ثقة في صون كرامة ذاتك وشرف مقامكِ وعزة شخصكِ فلتكن الحشمة والهيبة وقارك ونعمة الإسلام عزكِ ونهجكِ ومساركِ، واعلمي أن الأمة العمانية تعوّل عليكِ في بناء الأجيال النافعة الصالحة القائمة بواجبات دينها الإسلامي وخدمة وطنها ومجتمعها، فليكن همكِ الهدي والرشاد القويم المبني على المسلك السليم في الدنيا كي يكون المستقر جنة النعيم في الآخرة بإذن الله السميع العليم، فبارك الله تعالى جهودك الطيبة المباركة ووفقكِ جلّت قدرته إلى ما يحبه ويرضاه عنكِ وإلى ما تصنعيه من حفظ للدين ونفع وفائدة للوطن والأسرة والمجتمع.
وكل عام ونحن نرى تقدمك في العطاء والتطوير والبناء مزدهراً بازدهار جهودك المخلصة تحفكِ عناية الرحمن، فلكِ منا تحية وتقدير وفخر واعتزاز، وهنيئاً لكِ يومكِ هذا وكل عام وأنت بخير… .