هل الزواج مجرد لعبة؟
بقلم :أحمد بن سليم الحراصي
لو سألت الكثيرين عن هذا السؤال هنا من الذين يقرأون هذه الكلمات جميعًا رجالًا ونساء دون استثناء؟ لكانت إجابتهم هي بالحرف الواحد وبصوت واحد (قطعًا لا)، حتى أولئك الذين تزوجوا حديثًا ولم يتوفقوا في زواجهم لأسباب عدة وقد يكونون هم السبب الأول لعدم التوفيق؛ فالزواج ليس لعبة إلا في أيدي أولئك الأطفال وذوي العقول الضيقة ولن أقول المراهقين؛ لأن المراهقة صفة مبتدعة ابتدعها غافل وصدقها جاهل؛ فقد رأيت شبانًا وشابات بعمر المرحلة هذه تزوجوا فأصبح زواجهم ناجحا ومثمرًا ، لذلك هم الأطفال الذين يرون الزواج لعبة تتصرف فيها كيفما شئت وتتخلص منها متى ما تشاء.
مَن الذي يظن أن الزواج لعبة؟ هم أولئك الذين يظنون أن الزواج هو مجرد حب واهتمام وطلعات ومصالح مادية متغاضين بذلك عن أن الزواج أيضا هو مسؤوليات ، حقوق وواجبات، تربية وأخلاقيات ، الزواج التزام وهو عقد شرعي {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21]، ولكن ما أراه هو تدنيس هذا العقد الشرعي عندما يكون بأيدي الصغار فيصبح لعبة. فعندما يطلق الرجل زوجته اليوم التي تزوجها بالأمس لمجرد أنها لم تعجبه أو لأنها لا تعجب والديه، أو لأنها لا تجيد الطبخ لوجبة ما ، أو لأنها لا تساعد في أعمال المنزل وغيرها الأسباب الكثيرة التي أراها في منتهى التفاهة والتي لا يمكن أن تصل إلى درجة الطلاق.
كذلك الأمر عندما تطلب المرأة الخلع أو فسخ عقد الزواج لأسباب غير مقنعة ، كأن تقول أنني وافقت على الزواج منه مجبرة ، أو أنني لم أر فيه ما يعجبني ولم يكن الشخص وشريك العمر الذي أطمح له ، أو أن هذا الرجل لا يُعطيني هدايا أعياد الميلاد أو يوم الحب ويوم تاريخ زواجنا لا يتذكره حتى، كلها أسباب تافهة لا تصل إلى درجة أن تطلب الخلع أو فسخ العقد ، وهي كلها تأثيرات من يشاهد وتشاهد المسلسلات والأفلام التي تجعل من الزوج والزوجة مثلًا يُحتذى به خاليِّ العيوب ولا تحدث بينهم أية مشاكل ورغم ذلك فأنا أرى بأن الحياة الزوجية لا تخلو من مشاكل اجتماعية كانت أم مالية ولكن الأمر يحتاج إلى عقول واعية وليست عقولا خاوية وإلا سيغدو الزواج لعبة والطلاق كما يُقول العماني ب(بيسة!!).
إذًا مَن يجعل الزواج يبدو كهذه لعبة؟ هم أنفسهم الأشخاص الذين يتزوجون دون قناعة بمن يريدون الزواج به، بمعنى أوافق على الزواج دون أقتنع بالشريك أو الشريكة، ما أستغربه كثيرًا في مجتمعنا العماني أن الرجل عندما يريد الزواج واقتنع بمن أراد الزواج بها هو أنك -أيها الرجل- يُشهدك الشيخ في عقد القِران بنفسه والجماعة الحاضرون بأنك قد قبلت فلانة بنت فلان بن فلان الفلانية زوجة لك على هذه الشروط المقبولة والصداقين المذكورين وقبلت لها على نفسك وأقررت لها بجميع ذلك ثم تمد يدك وتكرر مع الشيخ (نعم) ثلاث مرات!!، وكذا بالنسبة للزوجة يشهدها الشيخ بأنها قبلت فلان بن فلان بن فلان الفلاني زوجًا لها أمام والدها ووالد الفتى وبعض من الشهود الحاضرين وهم يسمعون كلامها بالموافقة!!، فلماذا الآن لا تريدها/ لا تريدينه لسبب تافه وهدف حقير ورخيص قد يكون تخبيبا؟
السبب أنهم يمتلكون عقولا خاوية وعقولا لا ترقى أن توضع في جمجمة إنسان ، هي أشبه بمخ حيوان لا يعي ولا يفكر، فمن ذا الذي يشهده الشيخ أمام الحاضرين وهو يقول (نعم) بالجملة ثم يماطل بعد برهة لسبب دنيء ؟ فالكلمة التي تخرج من اللسان تُحفظ وإلا فهي عارٌ تتلطخ بالجبين ووصمة سوداء ، فالعربي الأصيل وذا الفرع الطويل والنسب العريق لا يمكن أن يتراجع عن كلمته هذه ، العربي هو الذي اشتهر بصفاته الحميدة وأخلاقه الجليلة؛ فالعربي من الممكن أن يكون جبانا أو بخيلا لكنه لا يمكن أن يكون منافقًا كالنفاق الذي يحدث في الزواج اليوم.
السعادة الزوجية تكون دائما في يد الزوجة أكثر مما هي بيد الزوج ولو أنني أقول بأن الإثنين شركاء في تكوين هذه السعادة ، فإن وجد يومًا وأراد أحدهما الطلاق لغاية ضعيفة فعلى الأهل أن يكونوا أسياد الموقف (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) النساء} وأن يكونوا رادعين لمن أراد الطلاق وتدمير الروابط العائلية والعلاقات الودية بين عوائل الزوجين خاصة وأن يكونوا سدًا منيعًا ويحملوهم مسؤولية خياراتهم التعسفية وغير الواعية.
هل الزواج مجرد لعبة؟ الإجابة: نعم حينما يكون بيد الأطفال وصغار العقول ، والإجابة: لا حينما يكون بيد الشرفاء وأصحاب الدم العربي الأصيل، لذلك يجب الحد من تزويج الأطفال والذين لا يمتلكون النخوة العربية الأصيلة وعلى الدولة أن تضع القوانين الصارمة لمن سولت له نفسه بالضحك على بنات الناس ومن سولت لها نفسها الضحك على أولاد الناس فالرجل لم يأت من شارع كي تخلعيه في يوم وليلة والمرأة لم تأت من بيت فجور وفسوق وانحراف كي ترمي بها مطلقة في يوم واحد دون أسباب مقنعة تجيزك الطلاق أو الخلع فالزواج ليست لعبة أو تجربة تُقاس بالنجاح أو الفشل وإنما هو عقد مقدس لا يحتمل التدنيس لأجل هوى فلان أو فلانة، هؤلاء جميعهم أتوا من بيوت عزة وكرامة ونالوا مكانتهم بين مجتمعهم نظير جهودهم التي بذلوها ليصلوا إلى هذا المقام الرفيع ثم تأتي أنت/أنتِ لتشويه سمعتهم وتهوي بهم للقاع!.