2024
Adsense
مقالات صحفية

التنظيمات الرسمية وغير الرسمية في بيئة العمل (2)

محمد بن سالم الجهوري

سعت العديد من جهات العمل إلى توجيه الرؤساء (القادة) لاستثمار الإمكانيات والطاقات للأخذ بجوانب الجودة والتطوير، وحفز المرؤوسين بالوسائل الإيجابية التي تجعل من بيئة العمل مليئة بالإنجازات حافزة للقدرات.

يلعب القائد مع فريق العمل أدواراً مهمةً في الإلهام ورفع كفاءة فريق العمل وتمكينهم؛ لتنمية مهاراتهم وأداء مهامهم. كما أنّ الاهتمام بإدارة المرؤوسين يستند إلى مدى إدراك الرئيس (القائد) لطبيعة من هم حوله وقدراتهم ومدى تقبلهم لإدارته وفاعليتها من عدمه، وطبيعة العلاقة الوظيفية وانعكاسات كُل ذلك على المهمة وأهدافها، وقد غدت بعض أشكال هذا التوجه متنامية على ساحة العمل بين تنظيمات رسمية وغير رسمية، وقد أشارت بعض الدراسات إلى وجود علاقة بين التنظيمات غير الرسمية والقرار وفاعليته، ودورها في تماسك فريق العمل وفاعلية الأداء، وبينت التوافق بين التنظيمات الرسمية والتنظيمات غير الرسمية في تحقيق الأهداف.

لسنا بصدد الولوج في طبيعة الدراسات وما هيتها، نتجاوز ذلك بتوضيح طبيعة التنظيمات غير الرسمية ودورها في خلق جو مرن ومفعم بالفاعلية، قائم على التقدير والاحترام، مبتعدًا عن التسلطية والروتينية في أي مؤسسة أو منظمة. وبما أن التنظيم الرسمي بطبيعته ومساراته قائم على تحديد الهيكل الإداري ومختلف الاختصاصات وآليات القيام بها وفق ضوابط وعلاقات وظيفية محددة تنسجم مع الهيكل العام لإدارة المنظمة أو المؤسسة، في حين أن التنظيمات غير الرسمية تقوم على بلورة العلاقات الإنسانية تزامنًا مع طبيعة العمل بالتعاون، وخلق الجو الملائم للابتكار والابداع والتطوير في رؤى المنظمة أو المؤسسة التي تجعل الأهداف قصيرة كانت أم ممتدة سهلة وميسرة. وقد يكون الأخير منطويًا تحت مظلة القيادة التشاركية إن صح التعبير؛ فهو يلبي احتياجات الطاقم ويهيئ بيئة خصبة للدافعية وتقديم المقترحات مما يفتح المجال بين الرئيس (القائد) وفريق العمل للتعبير عن مكنونات التحسين والتغيير للأفضل، ويساهم في خلق أفكار جديدة توائمًا مع العمل التعاوني والمشترك لبيئة عمل سهلة ومرنة غير مقيدة بنطاق تسلطي لا يقبل الرأي ولا يفتح باب المشاركة إلا في بعض الأحيان، ويتقيد بما يرد لديه دون زيادة أو نقصان. كما قد يتخطى بعضهم ترجيح توجه على آخر بتجسيد الموازنة بين متطلبات التنظيمات الرسمية والتنظيمات غير الرسمية بما لا يعطل مصلحة العمل بالموائمة بينهم في الإيجابيات وتفادي السلبيات التي قد تجعل من بيئة العمل بيئة طاردة غير جاذبة، وهذا ما يجب العمل عليه من أجل شحذ الهمم واستقطاب الأفكار البناءة والمقترحات التي تتسم بالشفافية والمرونة وتحترم وجهات النظر وتُشرك الجميع في القرار المناسب والملائم في تحقيق ما ترنو إليه المنظمة.

ولو تمعنا في بعض الإدارات الروتينية لوجدنا أنها تركز على جانب على حساب بعض الجوانب ولا تسعى للتحديث والتطوير إنما تسير على مسار محدد لا تحيد عنه ولا تقبل إي مبادرات تطويرية، وهو ما يدفع فق العمل في بعض الأحيان إلى تأدية العمل في نطاق ضيق، كما تدفع البعض للانتقال من جهة عمل إلى جهة أخرى نتيجة النمط القيادي القائم على التسلطية والجمود وفرض التعليمات والرأي بعيدًا عن الحوار، بعكس الرئيس أو القيادي الذي جعل من التفاعلات ووجهات النظر والمشاركات والمقترحات مجالاً مفتوحًا لفريق العمل لرؤية أفكارهم والأخذ بالمناسب منها، وهذا بحد ذاته يشعر فريق العمل بالراحة النفسية في بيئة العمل المحفزة والمرنة والتي يجدون فيها استقرارًا وظيفيًا ونموًا في العلاقات الإنسانية المؤثرة؛ وذلك بأن يجمع فريق العمل تحت مظلة الشراكة الوظيفية القائمة على احترام الرأي وتقدير الذات وتقبل الأفكار والسعي لتنميتها وتطويرها وتنظيمها برؤى تعاونية فعالة يكون لها تأثيرها في اندماج المرؤوسين وقدرتهم على أداء مهامهم بكل أريحية، مما يرفع الرغبة إلى التحسين والتطوير، ويزيد من درجة كفاءتهم وفعاليتهم في جو يسوده البناء المرتكز على ثقافة التقدير والاحترام والإطار التعاوني والتشاركي المفضي إلى غرس قيم إيجابية في بيئة عمل محفزة وداعمة ومشجعة لمزيد من العطاء والتقدم المصحوب بالإبداع والابتكار لمختلف الأفكار البناءة البعيدة كُل البُعد عن أي تعسف وتسلط وفرض إجباري لقرار منفرد لا يُعلم صوابه من خطئه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights