2024
Adsense
مقالات صحفية

“الحفل التأبيني في ولاية صحم”

جابر حسين العماني
jaber.alomani14@gmail.com

إن من بين أهمّ الإنجازات الاجتماعية والدينية التي قدّمها شباب ولاية صحم لنصرة دينهم ووطنهم وسلطانهم، هي الاحتفالات المسرحية الدينية والاجتماعية والتأريخية التي عبّرت عن هويتها، وأبرزت الطاقات الشبابية المتفتقة بنور العلم والفهم والوعي الاجتماعي، والتي لا يُستهان بها أبداً، وذلك من خلال خشبة مسرح الحفل التأبيني لأربعينية سبط النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام الحسين عليه السلام.

إن مشروع الحفل التأبينيّ هو من أحد المشاريع الهادفة التي أنتجت الطاقات الشبابية المسؤولة، الداعية إلى الوحدة الإسلامية عبر نشر مفهوم التعايش السلميّ في المجتمع العماني، وترسيخه وتعميقه، من خلال احترام الجميع على أساس المواطنة والعيش المشترك وحبّ الوطن والسلطان، وذلك بعرض المسرحيات والمَشاهد الاجتماعية والتأريخية التوعويّة التي كان لها دوراً بارزاً في نشر القيَم الإنسانية والتربوية المستفادة من سيرة النبي الأكرم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل بيته الأخيار ومن سار على نهجهم من الصحابة الأجلّاء الكرام.

لقد تمّ تأسيس المشروع المسرحيّ للحفل التأبيني في سنة 2002، حيث كان آنذاك عرضاً بدائياً مبسّطاً لا يتعدّى عدد الممثلين فيه أصابع اليد الواحدة، وكان مشروعاً صعباً، حيث لا أحد يعرف كيفية التمثيل وتقمّص أدوار الشخصيات، وما هو المسرح الحقيقي وأدواته ورسائله العظيمة، التي يجب أن تقدّم للمجتمع بالشكل الصحيح والسليم واللائق، إلّا أن العزيمة والإصرار على النجاح، والإبداع في تقديم صوَر المحبة والمودة والتآلف، من خلال خشبة المسرح، كان حاضراً بقوّة في نفوس الشباب، فأثمر الاستمرار في إقامة هذه الفعالية الرائعة التي أحَبّها الجميع، والتي كان الهدف منها خلق جيلٍ واعٍ بأهمية القيَم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية.

إن المواضيع الهادفة التي تطرّق لها الحفل التأبيني المسرحيّ الكبير في ولاية صحم طيلة عشرين عاماً كانت وما زالت سبباً في هداية الكثيرين ممّن غرّتهم الدنيا بزينتها وبهرجها، وإرجاعهم إلى الحقّ سبحانه وتعالى، وإلى القيَم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية التي أرادها الباري عزّ وجلّ، وحثّ عليها النبي المصطفى وأهل بيته الكرام.

ومن أهم الفوائد التي قدّمها الحفل التأبيني المسرحي لأربعينية الامام الحسين عليه السلام للمجتمع طيلة عشرين عاماً، ما يلي:
• أولاً: ترسيخ الحبّ والقُرب من الله تعالى ولرسوله وأهل بيته وصحبه الأجلاء في نفوس الناس، وربط المجتمع بهذه العناوين التي لها قدسيتها.
• ثانياً: المحافظة على سمعة الدين والوطن.
• ثالثاً: خلق طاقات شبابية متعاونة ومتفانية في خدمة المجتمع.
• رابعاً: رفع شعار: لا للطائفية، نعم للوحدة الإسلامية والتعايش السلمي المشترك في المجتمع.
• خامساً: نشر المحبة والمودة في نفوس المسلمين عامّةً، ونبذ الخلافات الاجتماعية والأسرية.
• سادساً: إبراز الوطن بما يليق به وبسمعته الطيبة بين الأمم.
• ثامناً: صناعة ممثلين قادرين على ايصال الرسائل الدينية والإسلامية والوطنية من خلال الاعتماد على الشريعة السمحة، واحترامها في النسيج الاجتماعي بشكلٍ سهل وميسّر.
• تاسعاً: حلّ قضايا ومشاكل الأسرة والمجتمع من خلال الاستفادة من السيرة النبوية للرسول الاعظم واهل بيته عليهم السلام والتابعين لهم بإحسان.
• عاشراً: تعريف الناس بأهمية ما جرى من ظلم وجور على النبي المصطفى وأهل بيته الكرام.

وبذلك استطاع الحفل التأبيني، وبالجدّ والاجتهاد والمثابرة المستمرة أن يناقش العديد من القضايا الاجتماعية والأسرية، وبثّها كرسائل توعويّة سهلة وواضحة للجميع، ولم يكتفِ الحفل بذلك، بل اهتمّ أيضاً بتمثيل القضايا الإسلامية والتاريخية والاجتماعية التي من خلالها استطاع إيصال فكر وسيرة وأخلاق النبي الخاتم وأهل بيته عليهم السلام إلى المجتمع.

إن الحفل التأبيني في ولاية صحم يسعى دائما لنشر المفاهيم الأخلاقية والدينية القيمية التي تتناسب مع الفكر الحسيني الإصلاحي الأصيل الذي دعا إليه الإمام الحسين عليه السلام عندما قال: (إنِّي‌ لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَلاَ بَطِراً وَلاَ مُفْسِداً وَلاَ ظَالِماً؛ وَإنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاَحِ فِي‌ أُمَّةِ جَدِّي‌ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ؛ أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَى‌ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ وَأَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي‌ وَسِيرَةِ أَبِي‌ عَلِي‌ِّ بْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَم)، وهذه الرسالة العظيمة التي قدّمها الإمام الحسين عليه السلام هي نفسها ما يصرّ على تحقيقه القائمون على الحفل التأبيني من خلال تقديم الفعاليات والأمسيات الحسينية على خشبة المسرح.

لذا، كم هو جميل عندما نرى (ولاية صحم) تنعم بوجود المسرح المربّي الذي من خلاله استطاع أن يجمع كلّ أطياف المجتمع على كلمة واحدة، الهدف منها نشر المحبة والمودّة والترابط بين أفراد المجتمع العماني، والحفاظ على الهوية العمانية الأصيلة عبر التلاحم المجتمعي، من خلال عرض المَشاهد الممتعة التي قُدّمت على خشبة المسرح من خلال المسرحيات الاجتماعية المتنوعة والهادفة في خدمة المجتمع وتوعيته بأهمية مكارم الأخلاق، واحترام القيم الاجتماعية التي تحلّى بها المجتمع العماني الأصيل ونهلها وتعلّمها من فِكر خاتم الأنبياء محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطيبين النجباء وصحبه الأجلاء.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights