ألف سلام وتحية
الباحثة الإعلامية والكاتبة
نانسي نبيل فودة
سلامًا ممزوجًا بالحب والوفاء لكل من أحب وطنه، لكل من عمل على ترك أثر من ورائه، أهدي له سلامًا، تحيةً تملؤها المحبة والافتخار لكل إنسان قدّم روحه ليحيا وطنه، ثم يقف الوطن لينحني إجلالاً لأرواح أبطاله، ينقل كلماتهم الطيبة وسماتهم الصالحة إلى الآخرين الذين حرموا من معرفتهم، ولكن تركوا من ورائهم الأثر والقدوة التي تتذكرهم بهم الأوطان، وأيضًا الأجيال القادمة التي لا تعرف أن على هذه الأرض مشى أناس قد يكونون من أفضل من كانوا في عصرهم، لكنهم فضلوا أن تحيا أوطانهم حتى لو كان المدفوع أعمارهم، تحية وإجلالا إلى كل أم وأب ربوا، أحنوا، وفاضوا بحنانهم على أولادهم، ليبنوا أبطالًا زرعوا بداخلهم شجاعة الأسود وقوة النسور، ليكونوا الدرع الحامي لوطنهم، ليصبحوا شهداء أعزاء بأسمائهم، يمنعون أيادي الغدر والخيانة من أن تمس شبرًا من وطنهم.
تحية لكل أم شهيد امتزجت دموعها بالفرحة والفخر، وهي التي قدمت فلذات أكبادها متقبِّلة ذلك بنفس صابرة خاشعة راضية بقضاء الله وقدره، فنرى ونسمع كل يوم أبطالًا يستشهدون ويقدمون أرواحهم فداء لوطنهم، ويتركون أمهاتٍ وزوجاتٍ وأبناء يصبرون ويحتسبون ذلك كله عند الله عز وجل، فلهم الثواب العظيم والجزاء من الله تعالي.
تحية لكل زوجة استشهد زوجها، وعملت على تربية أبنائها؛ ليصبحوا أبطالًا مقتدين بالأثر الطيب وميراث السيرة العطرة لآبائهم، فقد كرم الله – عز وجل- ووعد في كتابه المكنون أن من صبر واحتسب المصائب عند الله، وفوض الأمر كله لله؛ له الجزاء العظيم الذي لا يعلم مقداره إلا هو، فقال في كتابه الكريم: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) سورة الزمر: من الآية (10).
يعطي الله أهله الصبر والسلوان، والعون في الدنيا، والأجر بغير حساب في الآخرة؛ ولذلك نجد العديد من الدروس التي أعطتها لنا أمهات الأبطال وزوجاتهم، وهي التضحية في أجمل صورها، دروس تلقن لكل الأعمار، وتكتب بحروف من ذهب.
أما عن الجزاء الذي بشر الله تعالى به الشهيد، فقد أعطى الله الجزاء الأوفى له، فقال تعالى في سورة آل عمران: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}
إنّ فخرنا واعتزازنا بالشهيد لا يعادله أي فخر في الدنيا، فالشهيد وإن رحل بجسده؛ فإنه سيظل خالدًا في ذاكرة وطنه وشعبه وأسرته، فتحية لة وسلامًا عليه، وستبقى خالدًا في صفحات التاريخ والوطن، ستبقى فينا ما حيينا.