وإن سقيتك الماء تبقى عطشانا
شريفة بنت راشد القطيطية
الحياة وإن مرت عليك بعذابات صاخبة تظل تذكرك بقدسية العمر، كم من أحداث مرت علينا ونحن في وجع وهموم وسعادة وبكاء ولكن لم تمر علي كتجربة حلم يكتب عني عنوانا لكتابته وتفسيره وتخليده في الذاكرة، أجل لقد جاءني هذا العنوان في حلمي من عزيزة وغالية افتقدتها مؤخرا ورحلت للأبد، من خلال الحوارات واللقاء والضحكات تقول لي: وإن سقيتك الماء ستبقى عطشانا، وتأمرني أن أكتبها.. في البداية كم تحمست للكتابة كقصيدة، ومن ثم أدركت أنها عنوان لحياتي وما يحدث فيها من روايات وأسى وحرمان، كل ما يحدث أنني مهما فعلت من همم وإرادة ونضال لا يعد شيئا، وأن كل حفري في الصخر لم ينحت شيئا، وكل مرة لا أستسلم وأعود للنضال من البداية، وأنني أسقي الناس جميعا ويرتووا إلا أنا دائما أنسى نفسي وأبحث عن الأمل مجددا.
أن تصنع سلما ويرتقي به من تحب جميل بكل أحداثه، وأن يصل ويرميك وسلمك أرضا ليس عدلا، وإن كان الحل لك وحدك لٱثرت غيرك عليك ولكنها الحياة لملايين الأنفس، وكل نفس غاية في الدهاء، هنا فقط تتولى قيادتك تربيتك وأخلاقك وسموك، وأن لا تبخل بالدعم والمساعدة حتى لعدو، وأن تبقي حكمتك قيد الفكر متملكة من نفسك ومن الآخرين، أنت وإن أشعلت أصابعك العشرة شمعا يضيء لهم الطريق لن تكن شيئا مهما لهم، ولن يتذكرك ناكر فضل ومعروف، وإن تفعل المستحيل لخدمته وإرضائه، دناءته سيدة موقفه، وإن سقيت أرضا بورا لن تنبت؛ لأنها ليست للعطاء، يتملكنا الخوف لإعمار النفوس ولكننا نتقبل فضل الله علينا؛ أن جعلنا أطياب قلوب وذوات خلق وأدب .
سقيت أو لم تسقِ سيظل تعبك بلا جدوى، فلا ترهق نفسك بالوفاء للجميع، ولا ترسم شمسا لقاطع طريق، ولا تبتسم وقت ضيق، ولا تشهد مجاملة لصديق ..الكل أتعبه الرياء، فلا فائدة من التعقب ولا جديد مع بائعي القلوب، حين تمزج ماء البحر وماء النهر في كوب واحد هل تستطيع شرب ذلك الماء؟ وحين تباشر عملا وتكتب قصة هل ستنتج شيئا؟ لا بد من التفرغ لقصد معين وتزج بأفكارك في محفل رحب يصدقك النوايا ولا يسلطك حاكما على القلوب، العائدون من عذابات الحياة عطشى وصادقون، ولا يتركون قلوبهم لأي سائل ولا يسألون مغفرة من متصنع وأحمق، ترك عباءة الوقت تحت عجلات عمره وأفنى ما تبقى من تقبله للصادقين.