استكمال احداث الحملة الفارسية على عمان عام ١٧٤٢م
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الخامس والأربعين:-
كان عن بدء العمليات الحربية والاجتياح الفارسي لعمان.
الجزء السادس والأربعين:-
مقالنا لهذا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون استكمالاً للعمليات الحربية الفارسية لاحتلال عمان.
– بعد تلقّيها الأوامر من القائد الأعلى للقوات الفارسية المحاصِرة لمدينة صحار بضرورة انطلاق جزء منها لمحاصرة مسقط التي جاءت الأوامر المشددة من نادر شاه بضرورة احتلالها بأيّ ثمنٍ كان، ولمنع القوات العمانية من القيام بعمليات الكرّ والفرّ، يجب على هذه القوات محاصرة المدينة من جهة البر.
– أثناء تحرك القوات الفارسية إلى مسقط مروراً بمنطقة الباطنة ولعدم خبرتها بتضاريس المنطقة، جعلها صيداً سهلاً للقبائل العمانية التي ألحقت بها خسائر فادحة.
ورغم الخسائر الكبيرة، فقد تمكّنت القوات الفارسية من احتلال عدد من المدن العمانية وهي: –
١- الخابورة
٢- السويق
٣- نخل
٤- بركاء
٥- المصنعة
– عند وصول القوات الفارسية إلى مسقط، توجّهت مباشرةً إلى معسكر القوات العمانية، فتصدّت قوات الإمام سلطان بن مرشد اليعربي للقوات الغازية بقيادة القائد سيف بن مهنّا في منطقة سيح الحرمل، ودارت رحى معركة عنيفة تمكّنت خلالها القوات العمانية من إجبار الفُرس على التراجع.
– هاجم الفُرس مرةً أخرى في اليوم التالي، فتصدّت لهم القوات العمانية في نفس المكان، فاستشهد القائد سيف بن مهنا في هذه المعركة، كما سقط عدد كبير من الشهداء من القوات العمانية، الأمر الذي مكّن القوات الفارسية من احتلال مدينة مسقط، باستثناء حصنَي الجلالي والميراني، فانسحب الإمام سلطان بن مرشد اليعربي إلى خارج مسقط، وذلك لتنظيم المقاومة وإعداد الجيش واستنفار القبائل للقتال.
– في رسالة من كلب علي خان إلى بندر عباس أشار إلى أن القوات الفارسية تتعرض لكمائن وهجمات مستمرّة توقع بها خسائر فادحة، وأن العرب ما زالوا يعزّزون مدينة صحار، وذلك بإرسال النجدات إليها بشكل مستمر، رغم الحصار المفروض عليها، وفي مسقط تتعرض قواتهم لهجمات مستمرة، لذلك يطلب المزيد من الدعم من الرجال والمال والمواد التموينية.
– أثارت هذه الأنباء غضب نادر شاه فأرسل لجنة برئاسة اثنين من كبار شيوخ الفُرس وأمرهم بتقديم تقرير مفصّل عن أوضاع القوات الفارسية هناك، وسَير مجريات المعارك، وكذلك يجب عليهم تقييم كفاءة القادة الفُرس وحصر الغنائم التي حصلوا عليها.
– إن صمود صحار يعود إلى الشخصية القوية والمحنّكة والشجاعة التي يتمتع بها والي المدينة أحمد بن سعيد البوسعيدي، الذي جعله يُلحق خسائر جسيمة بالفرس، وصلت إلى ٣٠٠٠ قتيل، مما شجّع القبائل العمانية على إرسال النجدات إليه بشكل مستمر.
– قام العمانيون بعمليات فدائية ضد سفن الأسطول الفارسي، ونذكر منها ما قام به الشيخ سليم عندما أسر ثلاث سفن فارسية في معركة واحدة عند جبل السوادي شمال مدينة بركاء.
– قرّر الإمام سلطان بن مرشد اليعربي الانضمام بقواته إلى حاكم مدينة صحار أحمد بن سعيد البوسعيدي لِما رآه ولمسه فيه من شجاعة وحكمة نادرة.
– شنّ الإمام سلطان هجوماً قوياً على القوات الفارسية لفكّ الحصار عن صحار، ودارت رحى معركة يصفها المؤرخون بأنها من أروع المعارك التي خاضتها القوات العمانية ضد القوات الغازية، واعترفت المصادر الفارسية بتكبّد قواتهم لخسائر فادحة جرّاء هذه المعركة، من بينهم عدد من كبار الضباط، وتمكنت القوات العمانية من اختراق الخطوط الفارسية والدخول إلى المدينة.
– استشهد الإمام سلطان بن مرشد اليعربي متأثراً بجراحه التي أصيب بها في المعركة، وذلك في ٢٧ ربيع الأول سنة ١١٥٦هجري، الموافق ٢٠ يونيو عام ١٧٤٣م.
– قام تقي خان بعمل خدعة بسيف بن سلطان الثاني، الإمام المخلوع والمتحالف معهم، فسرق خاتمه وكتب رسالة إلى أنصار سيف في قلعتَي الجلالي والميراني بضرورة تسليمها للفُرس، فانطلت الخدعة عليهم، فسلّموهم القلعتين، وبذلك تمكّن الفُرس من احتلال كامل مدينتَي مسقط ومطرح.
– عندما علم سيف بما حصل وجد بأن كل شيء يقاتل من أجله انتهى، وأن الفُرس أصبحوا سادة مسقط، فحزّ احتلالها في نفسه ولم يعد هناك ما يبرر استمرار تحالفه معهم، لا أمام أصدقائه ولا حتى أعدائه، فانسحب إلى الرستاق وحيداً كسير النفس، وأخذت تعتريه نوبات حزن شديدة لِما جلبه على بلاده من ويلاتٍ ومآسٍ، وتدمير وتفرقة.
وتحت هذه الضغوط من الهواجس والكوابيس لفظ أنفاسه الأخيره في منتصف عام ١٧٤٣م، وذلك بعد فترة وجيزة من استشهاد الإمام سلطان بن مرشد اليعربي.
– بعد وفاة الإماميين المتنافسين، واصل أحمد بن سعيد التصدّي للقوات الفارسية مكبّداً إياهم خسائر فادحة.
– عند عودة اللجنة التي أرسلها نادر شاه وتقديمها للتقرير المطلوب، أمر بإرسال ٣٥٠٠ جندي ليحلّوا محلّ القوات التي هلكت، وأمرهم بأن يفعلوا أيّ شيء لفرض السيطره الكاملة على الأراضي العمانية.
فأثارت هذه القوات الكثير من الدمار والخراب والقتل والنهب والسرقة في المدن العمانية.
– وبهذه الإمدادات اعتقد نادر شاه بأنه يستطيع كسر شوكة المقاومة العمانية، وذلك باستخدام القوة المفرطة، التي تخيّل أنها سوف تُحبط من عزيمة القوات العمانية، مما سيجعلها تستسلم للقوات الغازية، ولكن هيهات أن يحصل ذلك أمام هامات شامخة كالجبال.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الفشل الفارسي في عمان وآثاره الكارثية على الدولة العمانية.
المصدر: –
– عمان وسياسة نادر شاه التوسعية.
المؤلف: –
عدنان الزبيدي