2024
Adsense
قصص وروايات

المجانين.. صناع القرار

شريفة بنت راشد القطيطية

أتى عيدها من خلف قنديل وأشعل تعبها المتأجج الذي لا يهدأ إلا بلقاء الروح التي سكنت روحها المتعبة، أتى وقد أغمض عين الليل كي لا تراه يقتحم قلبها من خلف سوار خانق وأعد لها مأدبة شوق، وكان الحنين النادل المُؤدِّب الذي يقتفي آثار أقدامهم ويعبيء كؤوسهم بالوله.. كان أجمل من أن يحضر أصحابه الخفقات ويفسدون المناسبة.. وكانت لا تأبه بشيء إلا أن يعود وتتخذ في حقه إجراءات استغفار ومشروع نهار.. وكان القنديل يكبر حجم الوقت حتى لا يأتي الفجر ويفسد اللقاء.

أتت من خلف مليون نقطة وتعدت على تلك المتعبة أجراس إنذار.. وغبار.. وإحتقار .. وتعبت أكثر من اللازم تلك الشوارع الممتدة على أرصفة الشرابين وتوغل الإنهيار طاقات الجسد واحتدم الحسد وتعدى عليها.. لم تكن في صحوة إبكار لتجهض ذلك المعتدي وتبتدئ. لا تزال تقطف الأزهار وتضعها في سلة من سعف وتعد العشاء من ورق الشجر وتعزف شعرها الليلي تحت القمر لتبكي متوسطة آهات مزمنة تواعد الهم كل ليلة.. كانت تنتظر خيوط الفجر لتنسجها مرقد، وتغمض الأحلام في فنجان قهوتها المعتم.

كانت تقنع نفسها أن التعدي على الذات لا يعني خلونا من اليقظة وإشعال مصباح الغرابة متواصل مع إستشعارات الوجود.. وتضليل عدالة النفس لا يرسم طريقًا لحلم ولا يأتي بالقنديل وقت الحرب ليشرق وجوه الضحايا.. والمجانين صناع القرار يحكمون ببراعة، ويثقفون المستجدين في الحرب، ويطعمون الأسرى، ويفكون قيد السيوف، ويحلمون بالفتات من خرج البؤس وسرج جواد خائف من صوت المعركة.. ويعودون بثقة وهي معهم رافعين راية المغادرة.

آيار الخائف من مصدر الضوء وإحتباس الأنفاس يعدو بحذر ويتقاسم الضجة بينه وبين قلبها المجنون.. ولا تترك حجة لإثبات خدعة أو ترجمة وصل، والحرب سجال لا تنتهي وآثار الجنون غيمة تنبت في الأفق وتسكنها الهاربة من انفصام.. والشمس الغاربة تسلم راية الحرب لمجهول سوف يساق به في الغيمة ليترك عبقة، ويقرر هل سيكمل أم يهرب دون أعذار.. الجنون موقد القلوب يتركها عالقة في النضج وصائغة في اللذة.. والمستجدون حمقى ليس لهم إفراز بهجة وغسول شهد وإحمرار خد.. لديهم فقط الرغبة في الخداع ونحن لا نترك فرصة لمخادع سوف يقتل بعد غروب الشمس في غيمة.

تأتي من مصدر الضوء كفراشة تعمقت في النور حتى تحولت لومضة عاشقة وتراقص حولها العطر.. والمطر أفسد الرائحة وطمست تحت تربة مجنونة معقودة بعقول المجانين يلعبون بلا أوطنة ويتركون أطفالهم في خرابات عطشى ويتركون المطر بلا استفادة.. ويغسلون أفئدة الصمت عبر ممرات ضيفة توصلك لغيم أسود لا يتساقط إلا وقت الحلم ولا يتآمر على العاشقين إلا بالطلب.. العودة بالقنديل تأخذ وقتًا لنتركه يأخذ قيلولته، وينتظر المساء بلا شوق ولكنه سينتظر ليعد للمساء طريقه المكلف وثمره الغير عاطفي ويكبر حجم الوقت فقط ليضللك الطريق.. القنديل عابس لم يجد حبيبه الذي كان يغدقه قبلات وسمر.. سيستقل قطار الوله ويبحث من جديد.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights