2024
Adsense
مقالات صحفية

فن التعامل مع النفْس والناس

حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة

النفس هي أكبر عائق للإنسان، وهي العدوّ الأول، فإن أدركتَ بأن عليك تهذيب نفسك أولاً، فإنكَ ستتمكن من السيطرة عليها والتحكّم في سلوكك، وقد يصيبك الناس بالأذى إن لم تتمكن من ضبط سلوكك، فعليك بنفسك أولاً.
وهناك بعض الأمور التي يجب علينا إدراكها وهي كالتالي:

في تقييمك لنفسك، لا تضع العلامة الكاملة، فإن أعطيت نفسك العلامة كاملةً، فستقف عند هذا الحدّ، وسيتجاوزك الجميع، الطُّموح هو أن لا تضع سقفاً لرغباتك.

في تقييمك لغيرك أيضاً، لا تضع العلامة الكاملة، لأنك ستتفاجَأ، وستخذلك مواقفهم، وستبدأ بتغيير نظرتك، لأن الجميع يتغيّر مع تغيّر الظروف، لا تندفع وتتسرّع في الحكم.

عندما تتحدث للغير، لا تقُل كلّ ما عندك، لأنك إن فعلت ذلك فلن تجد ما تقوله لاحقاً، وسيسيطرون على ما تبقّى من وقتك، تحدّث قليلاً واستمع أكثر، لكي تزيد من مخزون معرفتك لمن حولك، فالعلاقات قد تتغير وقد يؤخذ بكلامك ويتم استغلالك.

عندما تثني على أحد، لا تكثر المديح فيظن نفسه أنه مختلف، ويبدأ في التعالي عليك، وقد مرّت بنا هذه التجارب، نثني على الغير ونكثر من مدحهم ونراهم يتغيرون بلا سبب، السبب الحقيقي نحن من سمح لهم بالتعالي علينا فظنوا من مدحنا لهم أن لهم فضل علينا.

لا تعطِ كل شيء دائماً، أبقي لنفسك مخزوناً فقد تحتاجه.

قال تعالى:
(وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ) أي لا تكن بخيلاً مَنوعاً،
وقوّله: (وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) أي ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتخرج أكثر من دخلك {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} أي يلومك الناس ويذمّونك، ومتى بسطت يدك فوق طاقتك قعدتَ بلا شيء تنفقه. (الآية 29 من سورة الإسراء).

لا تنظر للجميع نظرة رضىً شامل، ولكن أحسن الظنّ، والقصد واضح، فلا تثق ثقةً عمياء فيمن حولك وتظن أنهم لن يخونوا ثقتك، ولكن أحسن الظنّ وكُن حذراً في التعامل.

إذا سقط الحياء من أحد المقربين لديك فلا تنحنِ لالتقاطه وإعادته، فقد يسقط عنك الحياء، من لا يخجل من أفعاله فلا تبرر للناس بأنه حسَن الخُلق، وتحاول تلميع صورته أمام الناس، فقد يرتبط بك فعله، ويعتقد الناس بأنك صاحبٌ له في أفعاله، بل عليك بنصحه، فإن عجزتَ عن ذلك فابتعد، وقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .

لا تتردد في قول الحقيقة، ولكن لا تتسرع في سرد القصة كاملة، قَول الحق واجب، ولكن لا يتطلب منك سرد كامل القصة بتفاصيلها، لأنها ستعود عليك بالخسران، قل ما رأيت ولا تبرر الأفعال والأقوال وتحللها.

قبل أن تتحدث دعهم يستنتجون ما تريد قوله، لتظهر حقائقهم ويكشفون أنفسهم بأنفسهم، أي أنه يجب عليك الإنصات لحديث من حولك لكي تعرف حقيقتهم قبل أن تتحدث أنت، فتنجّر معهم، ومن كثُر كلامه كثرت أخطاؤه.

لا تنظر للخلف حينما تتجاوز السيئات، لا تدري فقد يجلبك الحنين إلى المعاصي بمساعدة الشيطان والعياذ بالله، فتخطّى كل سيء، ولا يأخذك الفضول بالالتفات للخلف، فقد يزيّن لك الشيطان طريق العودة.

كثرة اللفّ والدوران تفقد العقل تركيزه، ويؤدي إلى السقوط، والسير في خطّ مستقيم يجنّبك المتاهات والضياع عن تحقيق أهدافك، فتحقيق الأهداف يحتاج منك العزيمة والإصرار والابتعاد عن الطرُق الملتوية قدر الإمكان.

كثرة الأعذار تعني أننا مخطئون، وكثرة التبرير تؤدي إلى انعدام الثقة بالمتحدث، من يعتذر كثيراً هو الشخص الذي لا يثق بنفسه، وكذلك من يبرر أفعاله.
نصادف الكثير من الناس يقدمون الاعتذار الأعذار التي لا تستحق للتضخيم، وبهذا الفعل ندرك حقيقتهم وسوء نواياهم.

تظاهَر بالتصديق وإن كانت الحقيقة أمام ناظريك، سيزيد من تفوّقك في كل المواقف، لا تواجه الأشخاص بأخطائهم وإثباتها بالأدلة والبراهين، فإن أثبتّ ذلك فلن تصلح نفوس البشر، بل ستزيد عداوتهم وحقدهم لك، تجاوز كل ذلك واكتفِ بمعرفة حقيقتهم لتعرف كيف تتعامل معهم بحذر.

لكي تتمكن من قراءة مَن حولك، أنصت إليهم واعطهم مجالاً للحديث أكثر، فسيبوحون بكل ما في خاطرهم دون أن يشعرون،
ولكي تعرف مَن أمامك لا تُظهر شكّاً بأنك لا تثق بهم، بل مهّد لهم الطريق حتى يظهرون على حقيقتهم.

هذه مجموعة من النصائح لكي تتمكن من معرفة مَن حولك، ولكي تستطيع التعامل مع الجميع ومعايشتهم مع اختلاف طبيعتهم.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights