البيانات… نفط القرن الحادي والعشرين، والطريق إلى التنمية المستدامة
أ. هادي أحمد العبدو
نحن نقف في فجر الثورة التقنية، وهي فكرة ستشهد اختراقات جديدة بفضل التطورات في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات والحوسبة والطباعة ثلاثية الأبعاد وإنترنت الأشياء، والميتافيرس.
والبيانات الضخمة مجالًا آخر وأساسي للنمو التكنولوجي في السنوات الأخيرة نتيجة للتقدم السريع في التكنولوجيا والرقمنة العالمية حيث أصبحت البيانات موضوعًا ساخنًا، والجميع يجب أن يتحدث عنها، والسبب أن البيانات أصبحت مصطلحًا جديدًا شائعًا، وأن البشر يُنتجون كميات لا يمكن تصورها من البيانات. إلّا أن قلة من الناس لديهم أكثر من مجرد فهم غامض لِما هي عليه حقًا أو ما تعنيه، وقد شكل الابتكار القائم على البيانات ركيزة أساسيّة في مصادر النمو بالقرن الحادي والعشرين؛ حيث أدى إلى إلتقاء العديد من الاتجاهات، بما في ذلك الإعتماد على الإنترنت والانخفاض في تكلفة جمع البيانات وتخزينها ومعالجتها، إلى توليد واستخدام كميات ضخمة من البيانات للوصول إلى المصطلح العلمي ” البيانات الضخمة”.
وما تجدر الإشارة إليه أنّ أول من أطلق مصطلح “البيانات هي النفط الجديد” هو الخبير التقني الإنجليزي كلايف هامبي الذي بنى أول برنامج دعم للزبائن يدعى “Clubcard” في سوبر ماركت “تيسكو” الشهيرة في لندن عام 1994.
وعلى المستوى الإجرائي مصطلحات “علم البيانات” و “التحليلات” و “الإحصاءات” و “قواعد البيانات” مصطلحات مرتبطة بنا وليست مخصّصة لمحترفي علوم البيانات فقط بل مرتبطة بجميع الأشخاص في هذا العالم الاحترافي الرقمي.
وعلى المستوى التطبيقي يختبر معظم الأشخاص -في الواقع- دور البيانات في حياتهم اليومية وفي كل المواقف تقريبًا. من اقتراحات الأصدقاء الجدد على Facebook إلى عبارات البحث والمساعدة على Google وصولاً إلى Netflix والبحث في البرامج التلفزيونية، وغير ذلك الكثير…
وتستفيد على سبيل المثال جميع محركات البحث مثل Google و Bing و Yahoo وما إلى ذلك من خوارزميات علوم البيانات للتوصل إلى أفضل النتائج للاستعلام الذي تم البحث عنه في غضون جزء من الثانية. بدون وجود علم البيانات الضخمة لم تكن محركات البحث هذه هي نفسها التي نعرفها اليوم…
وفي إطار متصل تشمل أهداف التنمية المستدامة (SDGs) العديد من الجوانب المهمة لرفاهية الإنسان والنظام البيئي التي يصعب قياسها تقليديًا، حيث يمكن استخدام تدفقات البيانات غير التقليدية وغير المكلفة لقياس النتائج ذات الصلة بأهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الفقر والجوع والصحة والحوكمة والنشاط الاقتصادي، حيث تعمل أهداف التنمية المستدامة من خلال البيانات كمبادئ توجيهية لتقييم وإدارة المخاطر الاقتصادية والبيئية والاجتماعية مع تحسين وضعها الاستراتيجي في العالم، كما أن دمج أنواع جديدة من البيانات مع البيانات التقليدية، مثل البيانات الإحصائية وبيانات المسح التي يمكن أن تخلِق المزيد من المعلومات المفصّلة وعالية الجودة في الوقت المناسب.
ومن جانب موازي يمكن الاستفادة من بيانات الأرض الضخمة من خلال استخدامها المكثف، وأن يكون وسيلة فعالة لمعالجة فجوة البيانات ونقص المعلومات والأدوات اللازمة لممارسة وتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وقبل مناقشة التنقيب في البيانات، من الضروري الإجابة على السؤال المتعلق فقط بما يشير إليه مصطلح “البيانات الضخمة”. باختصار -تتميز البيانات الضخمة بحجمها- فهي تتكون من مجموعات بيانات كبيرة جدًا لدرجة أنها تتطلب مساعدة تقنية لتحليلها. وفقًا لـ Data Science Central ، حيث ظهر مصطلح “البيانات الضخمة” لأول مرة في عام 1997 وتم استخدامه للإشارة إلى مجموعات البيانات التي كانت كبيرة جدًا بحيث لا يمكن “التقاطها ضمن نطاق مقبول”. في العقد التالي، وأعيد تعريف المصطلح عدة مرات، وتم تقديم المفهوم كما نفهمه اليوم للجمهور الأوسع في عام 2007، وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي.
ويشير التنقيب عن البيانات على وجه التحديد إلى عملية إيجاد المعنى في أحجام ضخمة من البيانات، وحدد التنقيب عن البيانات بالتنقيب عن الرؤى والأهداف، وطلب القدرة على استخدام البيانات لاستراتيجيات الأعمال، وهناك بضع مراحل مهمة لإسكان علم البيانات ضمن فضاء الأعمال؛ من خلال إجراء فحوصات سلامة الأعمال، وتقييم البيانات للحفاظ على البيانات من خلال تنقية البيانات، والتخزين، والمعالجة، ثم التحليل، وأخيراً التصور والتواصل..
استخلاصًا لما سبق؛ البيانات الضخمة هي قلب تحول الأعمال ونفط قرن الحادي والعشرين، وتساعد الخبرة العميقة في علم البيانات الضخمة على فهم كميات هائلة من المتغيرات لتحديد النتائج بوضوح، ودفع عملية صنع القرارات بشكل أفضل من خلال إنشاء وإعادة هندسة أنظمة ذكاء أعمال قابلة للتطوير وللتمكين بمعلومات قابلة للتنفيذ حتى تتمكن من إحداث تغيير تحويلي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة…
وخلاصة القول: في مكان ما على طول الخط الزمني للحياة، يجب أن تحظى التفاهمات الأساسية المنطقية التي تُجذِّر كل واحد منا للآخرين بالأسبقية، ومنه أعتقد أن التكنولوجيا أو البيانات الضخمة يمكن أن تفعل ذلك أو يجب أن تحاول إخبارنا بالمستقبل أو كيف، أو ماذا نعتقد؟ ويجب أن نستعد لهذا التغيير المفاهيمي حيث تتحرك التكنولوجيا بسرعة، ونحن نتحرك ببطء أكثر…
