خبراء منخفض المونسون
طالب المقبالي
muqbali@gmail.com
في شهر يوليو الحارق الذي عادة ما تتراوح فيه درجات الحرارة بين 45 و48 درجة، وأحياناً تصل إلى 50 درجة، تهل علينا بركات السماء مع دخول شهر ذي الحجة المبارك لعام 1443هـ
لقد من الله تعالى على بلادنا خلال هذه الأيام بمنخفض المونسون القادم من الهند، فحول طقس بلادنا الملتهب إلى طقس ربيعي أو خريفي ماطر، مع غياب الشمس لفترات طويلة، وتحولت رصدات جوجل للطقس من درجات عالية تجاوزت الأربعينات، إلى درجات في العشرينات وكأننا في شهر أكتوبر أو نوفمبر.
كما تطالعنا هيئة الطيران المدني ببياناتها بين الفينة والأخرى بتطورات الحالة الجوية.
ففي تنبيهها رقم 3 الصادر 9 ذي الحجة 1443هـ الموافق: 8 يوليو 2022م والمتضمن حالة الطقس خلال أيام عيد الأضحى المبارك والذي جاء فيه:
نظرا لغزارة الأمطار الرعدية المحتمل هطولها خلال أيام عيد الأضحى المبارك والتي قد تتراوح غزارتها في بعض المناطق من 20 إلى 80 مليمتر، تهيب هيئة الطيران المدني الجميع بضرورة أخذ الحيطة والحذر أثناء هطول الأمطار الرعدية وعدم عبور الأودية وتجنب الأماكن المنخفضة وعدم ارتياد البحر.
وإثر ذلك فقد صدرت بيانات بنقل مواقع صلاة عيد الأضحى المبارك من مصليات العيد المفتوحة، إلى الجوامع.
وقد شهدت ولاية الرستاق أمطاراً بين المتوسطة والغزيرة، وقد سالت على إثرها الأودية والشعاب، فيما تكرر جريان بعض الأودية لمرتين في اليوم الواحد وذلك يوم الخميس 7 يوليو 2022، وتصدرت ولاية الرستاق جدول الولايات لمنسوب هطول الأمطار بنسبة 95 ملي، وفي اليوم التالي الجمعة 8 يوليو 2022 زادت نسبة هطول الأمطار إلى 113 ملي إلا أنها تراجعت إلى المركز الثاني وتقدمت ولاية دماء والطائيين بنسبة 120 ملي.
لقد تحولت أجواء ليالي الرستاق ومعظم ولايات السلطنة إلى أجواء خريفية شبيهة بليالي ولايات محافظة ظفار، حيث يستمر تساقط الرذاذ ليلاً، ثم تتحول إلى تساقط كثيف للأمطار، مما يؤدي إلى جريان الأودية والشعاب.
هذه الحالة، حولت عشاق الطقس في تسابق لرصد صور الأقمار الصناعية، وبعضهم أنشأ مجموعات خاصة بالطقس ضمت المئات من محبي الطقس، كذلك أنشئت حسابات في تويتر وإنستجرام يعرض من خلالها صور ومقاطع الفيديو عن الأمطار التي تشهدها البلاد منذ عدة ايام، كما تنشر صور التنبؤات والأرصاد الجوية والموديلات ورادارات الطقس.
ومع المتابعة المستمرة للنشرات المتتالية من هيئة الطيران المدني، والرادارات ومواقع الرصد التي تشير إلى تساقط الأمطار في اليوم الثاني لأيام عيد الاضحى المبارك على ولايات شمال وجنوب الباطنة، وكان الرصد على الحالة التي عبرت سلطنة عمان إلى صحراء الربع الخالي، فيما شهدت المحافظات مركز التوقعات إلى شمس حارقة، وقد خابت التنبؤات من هواة الرصد والتي اعتمد معظمها على الرادارات والموديلات التي وضعتها بعض الدول الغربية في بحارنا والبحار القريبة منا، كالمحيط الهندي وبحر العرب.
واستقبلت ولاية الرستاق أمطار الخير يوم الإثنين الماضي ولم تكن واردة في النشرات والتنبيهات التي نتابعها، حيث أشارت نشرة هيئة الطيران المدني أن تأثير الحالة الجوية سيضعف تدريجياً يوم الإثنين مع بقاء فرص هطول الأمطار بشكل متفرق، وقد أتى نصيب الرستاق ضمن الفرص التي أشار إليها التقرير.
وهنا أود الإشارة إلى متابعي الرادارات والأشخاص الذين نصبوا أنفسهم خبراء للطقس بأن يتركوا هذه الهواية إلى أصحاب الشأن من خبراء الطقس الذين يعملون في هذا المجال، فهم الأقرب إلى الواقع، ويعتمدون على أجهزة الرصد الرسمية التي يعملون من خلالها، أما الهواة فهم يتابعون المواقع، كما يتابعون حسابات المتنبئين الجويين المعتمدين في هذا المجال.
ومن المؤسف جداً أن نسمع عن أخبار الوفيات المتكررة يومياً بسبب الغرق في الأودية والشعاب والبرك المائية، نتيجة المجازفة بعبور تلك الأودية والشعاب.
وفي النهاية يقول الله سبحانه وتعالى:
{ وَهُوَ ٱلَّذِی یُرۡسِلُ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَقَلَّتۡ سَحَابࣰا ثِقَالࣰا سُقۡنَـٰهُ لِبَلَدࣲ مَّیِّتࣲ فَأَنزَلۡنَا بِهِ ٱلۡمَاۤءَ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِۚ كَذَ ٰلِكَ نُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ }