تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

خواطر سنّ الأربعين

د. إنعام بنت محمد المقيمية

في هذا اليوم من كلّ عام، كان يمرّ دون أن ألتفت إليه، كنت أظن أن الأعمار مجرد أرقام.

في مرحلة من حياتي كنت أقيس عمري بمدى تحقيق أهدافي، أقيس تقدمي فيها وأقوّمها لأني أظن أن العمر يُقاس بمدى ما تحققه. فالسعي في الحياة لا يقف عند سنّ معيّن.
كنت أسمع أن سنّ الأربعين سنّ أزمة منتصف العمر، سنّ اليأس وسنّ المراهقة المتأخرة، سنّ الضعف والاكتئاب.
لكن ما أشعر به اليوم يختلف عن باقي أيام عمري الماضية، شعور لم يسبق أن راودني، لا أدري هل هذا شعوري أنا؟ أم شعور كل من بلغ الأربعين؟

كنتُ كثيراً ما أتفكر في سرّ سنّ الأربعين في قوله تعالى: {….حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ)
سورة النمل، الآية: 19
اليوم، استشعرت بأن الآية الكريمة تخاطبني، بأنها قريبة منّي.
اليوم بلغت الأربعين وأشكر ربي على نعمه التي أنعمها عليّ، فقد تخطيت الكثير من مطبات الحياة، إحباط، ألم، ضعف، انتقاد، واليوم أقف على أرضٍ صلبة من العزيمة والإصرار على النجاح.
أحمد الله على منّه وكرمه أن جعلني ابنةً بارّة، وزوجةً وفية، وأماً حنون، وعاملة مخلصة.
كلّ فصل من فصول حياتي كانت هدية من الله
لأتعلم، لتصقل شخصيتي، لأبلغ الأربعين وأنا بكامل قوتي وعقلي.

عندما كان يراودني ذاك الشعور الغريب، ولعلّي أسميه شعور سنّ الاربعين، كانت تراودني معه فكرة، كيف يمكن أن أكافئ نفسي وقد بلغت الأربعين؟ وقد مضى من عمري الكثير وأنا بين أعمالٍ وتضحيات، وبمختلف الأدوار طالبة، زوجة، أمّ، عاملة- وبمقابل وبدون مقابل.
كنت أرغب أن يشاركني كلّ من يعرفني ببلوغي الأربعين بشعور الفخر والإنجاز.
فهل أحتاج لإقامة حفلة؟ وأطفئ شمعة؟ أستقبل الهدايا من الأصحاب؟
لم تكن في منظومة قيَمي يوماً ما، ولم أتربى عليها ولم أربي أولادي عليها، كنّا نكتفي بصدقة الحول حول.
جاءت فكرة الاحتفال مع نفسي ولا أخفيكم، فمقاطع الانستغرام كانت تجذبني مع نشوة شعور الأربعين، فأحضرت قائمة لأكتب ماذا أريد في الحفلة، وما الهدايا التي يمكن أن أقدمها لنفسي؟ كتبت بعض الماديات، فجاةً، توقفت، لم أستطع أن أكمل، فقد وجدت ما كتبته ليس بتلك بالأهمية، وليست حاجة، عندها شعرت بالقناعة والاكتفاء، وأدركت أنه سنّ النضج والحكمة، سن تكلفة حمل رسالة الأنبياء، إنه الأربعين، رقم الأسرار والمعجزات (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَة).

حانت ساعة بلوغي سن الأربعين، فعاد توازن شعوري وفكري، فأبدلتُ القائمة من هدايا مادية إلى هدايا روحانية، فلقد كانت قائمة كبيرة تنقصني من الاحتياجات الروحانية، ولعلّي أذكر بعضها، لعلك إذا بلغت الأربعين، أهديت نفسك: (صلوات نوافل وطاعات، قيام ليل، صيام التطوع، حفظ سور جديدة من القرآن الكريم، مساعدة محتاح، قراءة علوم مفيدة، خبيئة، صدقة جارية عنك وعن والديك).
{ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
سورة النمل، الآية: 19

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights