أن تكتب في مقهى
طه جمعه الشرنوبي – مصر
الأمر ليس بجديد، أن يُلهمك نادل المقهى، أو أحد المارين، أو بائع متجول، أن تجلس وحيداً على طاولة والمقعد الأمامي خاليًا أو رفقة آخرين، كثيرون من كتابنا الكبار خاضوا معركة الكتابة في المقهى، لدينا الأديب الراحل نجيب محفوظ، الذي يُمثل حالة استثنائية في تاريخ مصر الحديث؛ لما قدمه من إبداع أدبي ترك أثراً داخلنا لما وجدناه من قرب رواياته وقصصه لواقعنا وحكاياتنا، جلس نجيب محفوظ ويوسف إدريس وأمل دنقل في مقاهي شهيرة بوسط القاهرة والأحياء القديمة، مثل مقهى ريش، والفيشاوي، وعلي بابا، ومقهى زقاق المدق الذي كان عنواناً لرواية تحمل الاسم ذاته.
كما أن الأمر لا يقتصر على الكتاب، والمؤلفين، والشعراء العرب وحدهم، يرى الأوروبيون أن الـ people watching والتي تعني تأمّل المارّة أثناء الجلوس في المقاهي على قارعة الطريق أو الترّاس عادة صحية. فمشاهدة الغادي والرائح يبعث على الإلهام. همنغواي، جي كي لورينغ، سيمون دي بوفوار وسارتر اعتبروا المقاهي بيئتهم الطبيعية للإنتاج.
قد يكون لهؤلاء أدواتهم الخاصة في استجلاب الإلهام، لكن ماذا عن البقية؟
قامت مقاهي يابانية في طوكيو مؤخراً بابتكار نمط جديد للمقاهي مخصّصة للكتابة، حيث يُطلع الزبون العاملين في المقهى على عدد الكلمات أو المقالات المستهدفة، ويقومون بسؤاله بين الحين والآخر عن نسبة الإنجاز.
قال المالك تاكويا كاواي (52 عاما) والكاتب نفسه: “إنه يأمل أن تساعد القواعد الصارمة الناس على التركيز”.
وقالت كاواي اللطيفة وهي تعرض لوحة بأسماء العملاء الذين أكملوا مهامهم وغادروا المقهى: “انتشر المقهى على وسائل التواصل الاجتماعي، ويقول الناس إن القواعد مخيفة أو أنه يبدو وكأنه مراقَب من الخلف”.
“ولكن بدلاً من المراقبة، أنا هنا لدعمهم … ونتيجة لذلك فإن الذين اعتقدوا أن عملهم سيستغرق يومًا قد اكتمل في الواقع في ثلاث ساعات، أو أن المهام التي تستغرق عادةً ثلاث ساعات تم إنجازها في ساعة واحدة.”
وأردف قائلاً: “لا أعرف نوع العمل الذي قد يولد، لكنني فخور بأن أكون قادرًا على تقديم دعمي حتى يمكن نشر الأشياء المكتوبة هنا للعالم بأسره”.