هيلمان من الحزن يا حوقين
حمود بن علي بن حمد الحاتمي
alhatmihumood72@gmail.com
كم كان الفقد مؤلم، وكم هو الحزن ينسدل هيلمانا على بساتين الحوقين وشلالاتها التي كانت كعبة السياح بفترة ليست ببعيدة.. لتتحول حجارة جبالها الحارة إلى جمرة تخترق الافئدة وتصعد الأنفس، ويعلو زفيرها على وقع خبر بوفاة عزيز كل من يعرفه ألآ وهو محمد بن علي السالمي.
شخصية ألفتها على امتداد ثلاثين عامًا بين كراسي الدراسة، ومن ثم صفوف المدارس كمعلمين، ثم لتعود بنا رحاب جامعة السلطان قابوس ننهل من علمها في رحلة امتدت لعامين توطدت علاقتنا أكثر فأكثر بوجود مجموعة متجانسة أطلقت على نفسها مجموعة البكالوريس ٣٠ من مختلف محافظات السلطنة.. تعاهدنا على مواصلة التواصل بيننا بعد التخرج ونعود بعدها إلى مدارسنا مشرفين وإداريين ومنا من فضل إنهاء مسيرته التعليمية ولكن ظل التواصل والتجمع بين الفينة والأخرى هو الأبقى، ولعل اللقاء الرمضاني السنوي هو اللقاء الأكثر انتظاما.
محمد الإنسان.. محمد العطاء.. محمد الخلق الرفيع.. محمد الروح المرحة فاضت إلى بارئها ظهر يوم السبت
لتسقط ورقة من المجموعة وفجع الجميع لرحيلها… حياة محمد حياة حافلة بالعطاء.
منذ عقدين ونصف من الزمن وروح محمد حاضرة في كل مدرسة من مدارس المحافظة.
فكم تعفّر وجهه الكريم بأتربة الطرق الترابية الصعبة حتى يصل إلى تلك المدرسة في القرية البعيدة.
وكم شهدت ألواح الصفوف وسبوراتها إبداعاته التدريسية..
وكم عرض حاسوبه في قاعات التدريب أوراق عمل ومشاغل مثرية..
فمع كل صباح ينثر عطاء دون كلل وبأمل في مدارس الحلقة الأولى بالمحافظة.
كم أخذ بيد معلمة كي ترقى في سلم التميز والابداع.
وكم ساهم في رفع المستوى التحصيلي للطلاب بفكره وعطائه.
محمد السالمي سيظل رواية لم يكشف تفاصيلها إلا من كان قريبًا منه، وهو كتاب مفتوح فصوله مكتوبة في جنبات مدارس جنوب الباطنة.
لا أزكي على الله أحد، ولكن هنيئًا له سيرته الزكية التي لا زالت تروى من القاصي والداني وأحسبه عند رب عفو غفور رحيم..
إنها خاطرة من القلب …
فما إن يعلن عن وفاتك فكأنك ورقة يابسة سقطت من شجرة من حولك وسيعودون كما كانوا من الدعة والفرح …وهكذا تمضي الحياة ولا تتوقف
الفقد سنة الحياة والحزن من طبيعة البشر.