ولاية سناو تعود لماضيها
سيف بن محمد المحروقي
أناخ التاريخ مطيته، وكُتب لسناو أن يرتقي مقامها، فتُجابه فخامة المدن، وتنضوي مع راية الثلاث وستين ولاية عمانية، جاءت بها تباشير المرسوم السلطاني (٣٦/٢٠٢٢) بإعادة هيكلة المحافظات، والارتقاء بمستوى التمثيل الإداري لسناو من نيابة إلى ولاية. فقد كان طلبا قديما تقدّم به أبناء سناو منذ عام ٢٠١١م لرفع المستوى الإداري لسناو، وفي عام ٢٠١٣م نظّموا مسيرات ولاء وعرفان إلى سيح الشامخات بولاية بهلاء، حيث كان المقام الخالد شامخا فيه، وكان من ضمن المطالبات رفع مستواها الإداري إلى ولاية. ففي الزمن الغابر كان لسناو مكانتها عند السلاطين والائمة، وأولوها اهتماما كبيرا لموقعها الجغرافي المميز، وحركتها التجارية النشطة، وما تُمثله من حضارة وتاريخ يمتد لأكثر من ١٤٠٠ سنة؛ فقد كانت ملتقى الحضارات من حضر وبدو، ازدهرت بها التجارة عبر سوقها العريق “سوق سناو”، وهي الآن رائدة في تجارة الثروة الحيوانية والسمكية على مستوى السلطنة، ونقطة الوصل بين شمال عمان وجنوبها، وهي بوابة العبور لمحافظتي الداخلية والوسطى، ولا زالت واحة للمسافر وزادا للعابر.
فجاء الزمن غير البعيد بإرادة فذة، وقرار حكيم، رسمه مُجدد نهضة عمان حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله وأبقاه- ليُعيد لسناو مكانتها المعهودة، ويتوجها بتاج الولاية، مستبشرا فيها النهضة الاقتصادية الحديثة لعمان.
فحين هتف المرسوم ترددت في مسامعي أبيات أبي مسلم البهلاني في قصيدته النونية، عندما اشتد اشتياقه وحنينه لعُمان، وعرجَ بالحنين صوب سناو وضواحيها:
وجلّل السهل والاوعار معتمدا ربوع ما ضم (عِنْدام) و(جعلانُ)
وراح ينضحُ للجرداءِ ساحتها وطمّ ماردّ صفنانٌ وصخنانُ
يريقُ في الجوِّ منهُ ريقٌ هطلٌ في لوحهِ من سناءِ البرقِ ألوانُ
فسناء البرق لاح، وأشرقت ألوانه، فاستقبلها أهالي سناو وقُراها بالبشر والسعد، كغيث هطِل، أجرى شعابها، وفاضت أفلاجها، وفُتحت “مكاسيرها”، فتحقق الحلم الذي أدخل البهجة والفرحة والسرور في صغيرها قبل كبيرها، فرفعوا أيديهم شكراً وعرفانا لمجدد نهضة عمان، مقدرين ومثمنين هذه الخطوة الموفقة بإذن الله، والتي لا شك خطوة في الاتجاه الصحيح لخدمة عمان ومستقبلها الاقتصادي. فولاية سناو ستكون معبراً لمستقبل اقتصاد السلطنة عبر المنطقة الاقتصادية بالدقم، لاسيما وأن سناو منطقة تجارية منتعشة ستعزز من ازدهار الحركة الاقتصادية في ولاية الدقم، وتسهم في ذلك من خلال الصادرات والواردات عبرها.. وفق الله قائد عمان، وسدد خطاه بالتوفيق والنجاح، وإنا على خطاه ماضون.