عند اجتماع الحب مع التضحية
الباحثة الإعلامية: نانسي نبيل فودة
هذا المقال مختلف في محتواه؛ لأنه يمس الكثير والكثير من جوانب حياة الأفراد والأسر وما يحمله الفرد بداخله من معانٍ وكلمات نفيسة يترجمها القلب والعقل ويرسلها لمن يحب حتى لو كان بينهما البعد والمسافات، يقع الفكر أحيانا على أن أكثر الناس حبا وتضحية المرأة أكثر من الرجل؛ لأنها تستمد تضحيتها وحبها لما تحمله من دافع الأمومة والرحمة والوفاء التي تشكل شخصيتها وكيانها، ولكن المواقف الحياتية أثبتت أن الحب والتضحية لا يقتصر على رجل كان أو امرأة، ولكن ينبع من وجدان كل فرد، ولكن بدرجات وطرق تعبيرية متفاوتة، فإن اجتماع الحب مع التضحية هو الدافع لبذل الغالي والرخيص بدون مقابل سواء للوطن، أو للوالدين، وبين الأصدقاء، وأيضا لشريك الحياة، ثم التضحية الممزوجة بالحب والرحمة والتفاني في سبيل الأولاد.
فاجتماع الكلمتين النفيستين اللتين يسترسل ويقتدي بهما أي شخص لأجل الآخرين إنسان يملك قلبًا طيبًا كريما، ويحرص على أن يُعطي أفضل ما لديه لأجل سعادة غيره ومساعدته، فهما أسمى ما يُمكن أن يُقدمه الإنسان سواء كان الشخص حيا أو ميتا.
وتتنوع مظاهرهما، فالحب والتضحية والوفاء يظهر من خلال البر من الأولاد إلي الآباء سواء أكانوا على قيد الحياة أم لا، بمعنى أن الأولاد يحققون ما يسعد أباءهم، ويتفانون في إبراز حبهم لوالديهم للتعبير لهم عن حسن التربية لهم وما بذلوه من مجهود وتعب في سبيل تربيتهم وإسعادهم وأن يكونوا الأولاد الناصحين لآبائهم في طاعة الله، وأن يبر الأولاد آباءهم في حالة مماتهم، وأن يكونوا أمناء أحباء لما وصى به الوالدان على فعله في حالة مماتهم بما لا يخالف شرع الله حتى يحققوا لهم السعادة والبر والحب بعد مماتهم.
الحب والتضحية من أجل الدفاع عن الوطن ضد أي خطر سواء صد كلمة أو عداء على وطن من الداخل أو الخارج وتصحيح شائعة تضر بمصالح مؤسسات وطن كما يجب غرز هذا الحب والتضحية داخل أولادنا ليكونوا ذوي شجاعة أسدية لا يخشى أحد في الدفاع عن وطنه.
الحب والتضحية من أجل الدين والأنبياء وكل ما يخص المقدسات الدينية بالدفاع عنهم، والتضحية من أجلهم، فهذا خط أحمر من يقترب منه يحترق؛ ولذلك من واجب الأسر أن تحرص على التعاليم الدينية للأولاد والتطرق إلى ما يخص التعاليم الدينية السليمة ونشر الوعي حتى يكونوا على يقين ودراية بما هو صح أو خطأ، وما يجب فعله لصد أي هجوم إعلامي غربي أو غيره يستهدف الدين والرسول.
الحب والتضحية من أجل شريك الحياة من خلال التفاني في إسعاده فهنا الحب والتضحية يكمنان في أنهما صفة متبادلة كل يتفانى لإسعاد الآخر، وكل يعمل على التضحية والتنازل عن الكثير من الأفكار المتشبث بها التي تتلف علاقة الود والحب بين الطرفين، فهذا التعبير لا يظهر أبدا في شكل ضعف، ولكن يظهر في شكل تفان وحب وتمسك لإرضاء شريكه وتحقيق الحب الأسري السليم .
الحب والتضحية من أجل صديق أو شريك عمل أو قريب بأن تضحي بمصالح ذاتية من أجل تحقيق مصلحته، فهذا حب من نوع آخر هو حب الإخلاص وحب الآخرين والبعد عن حب الذات، تكمن السعادة هنا في تحقيق الفرحة للآخر، فترسم علي وجهه جميع مظاهر الحب والعرفان.
ومن هنا ليس من المهم أن تخبر من تحب أنك تضحي من أجله إنما المهم هو شعورك بأنه يستحق التضحية والحب، فالحب لا يعيش ولا يكبر إلا بالتضحية، فحب بلا تضحية ووفاء بناء بلا أساس فهي اللغة الوحيدة التي تجمع جميع أقطار العالم تحت مسمى الحب والتضحية.