2024
Adsense
مقالات صحفية

الكتاب الأبيض الثاني ١: (عملية إصلاح المنظمة الدولية)

محمد علي البدوي

الكتاب الأبيض هو عبارة عن تقرير موثوق أو دليل يتناول قضايا معينة، أو كيفية معالجتها.

والهدف من أي كتاب أبيض هو توعية الجميع بالقضايا المتعلقة ومساعدة الأفراد والمؤسسات على اتخاذ القرارات.

وقد جاء مشروع الكتاب الأبيض الثاني تلبية لطلب الأجهزة الحاكمة في منظمة السياحة العالمية بهدف القيام بعملية إصلاح للمنظمة لجعلها أكثر جدوى للأعضاء، وأكثر فاعلية في مواجهة ما يمثل أمام السياحة من مخاطر سواء آنية أو مستقبلية.

والكتاب يأخد في الحسبان التعليقات والإقتراحات التي أدلت بها الدول الأعضاء في المنظمة.

يقترح الكتاب الأبيض الثاني مجموعة من التغييرات والتعديلات التي من شأنها أن تنهض بأداء المنظمة.

من أهم التعليقات مسألة تركيز عمل المنظمة على عدد قليل من المواضيع ذات الأهمية القصوى تكون مجدية وموضع اهتمام الدول الأعضاء؛ بهدف تحقيق نتائج هامة من أجل تعزيز مركز المنظمة كرائد عالمي في قضايا السياسات السياحية، ولتقديم خدمات استراتيجية أكثر جدوى للأعضاء، وتقديم إقتراحات من أجل زيادة مشتركة الأعضاء في تحديد الأولويات، مع إعطاء اللجان الإقليمية دورًا جديدًا له مدلوله في تحديد الأولويات الإقليمية.

كما يقترح الكتاب دمج لجنة البرامج مع لجنة الميزانية من أجل الحصول على مزيد من التنسيق في توزيع موارد المنظمة على المجالات ذات الأولوية، ومن أجل إصلاح كامل لعضوية اللجان التقنية وطريقة عملها.

كما ناقش الكتاب الأبيض الثاني بعض الإقتراحات لتحسين شعور الأعضاء بأن المنظمة هي منظمتهم من خلال تعديلات على مضمون وصيغة الجمعية العامة والمجلس التنفيذي وعلى سائر الإجتماعات الأخرى وأجهزتها، ومن خلال التواصل بمزيد من الحمية بين الأمانة العامة والأعضاء بإستخدام كافة وسائل التواصل الحديثة.

الإقتراح الثالث يتعلق بأنشطة التعاون التقني التي تعتبر آلية أساسية لتقديم الخدمات لكل الأعضاء وليس فقط للدول النامية، ويعتبر موضوع توسيع نطاق التمويل الخارجي حاسمًا لتقديم هذه الخدمات.
لذلك تقدم إقتراحات لمشاركة الأعضاء في البحث عن موارد جديدة بالتعاون مع المدير التنفيذي للمنظمة، والذي تعد من مهامه الأصيلة البحث عن مصادر جديدة للتمويل.

وينبغي أن تستفيد المنظمة من إنخراطها الكامل في منظمة الأمم المتحدة، ومن إندماج السياحة في إستراتيجيات وطنية وإقليمية أوسع من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإعطاء إهتمام خاص للسياحة المستدامة والقضاء على الفقر وحماية البيئة.

الكتاب الأبيض الثاني يشدد على ضرورة أن تكثف وتضاعف المنظمة من شراكاتها مع المؤسسات الخارجية داخل وخارج منظومة الأمم المتحدة ولاسيما القطاع الخاص، ويعتبر ذلك أداة فعالة لتوسيع دائرة عمل المنظمة وتأثيرها فضلًا عن كونه وسيلة محتملة لزيادة مواردها. وتعتبر العضوية بالإنتساب حاسمة لإقامة علاقات ذات طابع أكثر استدامة مع أصحاب المصالح الخاصة وغير الحكوميين، ونظرًا للتشكيلة الواسعة والمصالح المعقدة للأعضاء الحاليين والمحتملين تم تقديم إقتراحات لإدراج الأعضاء المنتسبين في أطر العمل الإقليمية للمنظمة، وتم إعطاء إهتمام كبير للعمل الأكاديمي الذي يعتبر أساس توليد المعرفة لتكوين شبكة معرفة أشبه بخلية تفكير تمد المنظمة بالأفكار والإقتراحات.

ومن أجل تحقيق الهدف الأسمى المتمثل بالتحول إلى منظمة تتسم بمزيد من الجدوى والفاعلية يقترح الكتاب الأبيض الثاني بعض التعديلات على هيكل الأمانة العامة والإدارات التابعة لها (البعض منها يجري أو جري تنفيذه بالفعل) .

عندما أنشئت منظمة السياحة العالمية عام ١٩٧٥ كانت السياحة في بداية بروزها كقطاع إقتصادي هام، وكان عدد السياح وقتها حوالي ٢٢٢ مليون سائح دولي وافد فقط. ٧٥٪ منهم تركزوا في ١٥ دولة فقط ومعظمهم تقريبًا من العالم المتقدم.

أما الآن فالسياحة نشاط إجتماعي وإقتصادي وثقافي كبير، وقد تضاعف عدد السياح إلى أرقام كبيرة جدا، وارتفعت إيرادات السياحة الدولية؛ مما جعلها جزءًا لا يتجزأ من التجارة الدولية، وأصبح من السهل قياس مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للدول، وقد بلغ هذا الناتج نسبة كبيرة في العديد من البلدان النامية والمتقدمة.
ومن حيث العمالة أصبحت السياحة أكثر القطاعات توفيرًا لفرص العمل وتفوقت في ذلك على كل الأنشطة الأخرى.

ففي البلدان النامية أصبحت السياحة متاحة لكل الطبقات السكانية، وفي هذه البلدان أيضًا أصبحت السياحة المورد الأول للعملة الصعبة.
لذلك كان يجب على منظمة السياحة العالمية أن تتوقف لإلتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب الأوراق ووضع خطط التعديل.

من أهم التعديلات التي لا يمكن تأجيلها (التوسع الموضوعي) للمنظمة والذي يمكن اعتباره تغييرًا في أدوار المنظمة الرئيسة، وقد تم التوجه إلى هذا التوسع بسبب الإحتياجات الجديدة والمتنوعة للدول الأعضاء، وكذلك من أجل مواجهة التحديات.
أما الآن فقد توسع نطاق أنشطة المنظمة وأصبح أكثر تعقيدًا وإستدامة.
ولكن وعلى الرغم من هذه الإيجابيات إلا أن وسائل القيام بالأنشطة لم تتغير، ورغم ذلك زادت إنتاجية الأفراد الموظفين بالمنظمة، وزادت أموال التبرعات التي تنوعت بشكل كبير بفضل الخطط والأفكار التي تبنتها المنظمة.
ولكن تظل قلة الموارد هي المشكلة الأكبر التي لم تستطيع المنظمة أن تجد لها حلولًا جوهرية، وقد ساهمت المشكلات الإقتصادية العالمية في تأخير الحصول على التبرعات والمساعدات، بل إن بعض الدول الأعضاء لم يكن في استطاعتها القيام بإلتزاماتها تجاه المنظمة.

أما فيما يتعلق بالأجهزة التقنية داخل المنظمة فإن أدوارها الأساسية ووسائل عملها لم تتغير منذ إنشاء المنظمة؛ ونتيجة لذلك فقد فقدت عدة لجان أهميتها وجدواها والغرض من وجودها، وبدا أنها لا تقدم أي جديد أو مفيد، وهذه اللجان تعقد الاجتماعات، وتصرف الرواتب والمكافآت رغم عدم وضوح إستراتيجية خاصة بمستقبلها.

وقد تم إدخال عدد من التعديلات الصغيرة على الأمانة العامة، وإستحداث دوائر ووحدات جديدة مثل الجودة وتدبر الأزمات وإدارة الأخلاقيات والتنوع البيولوجي.

لكي نفهم ما نحن بصدده لابد من معرفة مهمة منظمة السياحة العالمية وجدواها حتى نستطيع أن نضع الأمور في مكانها الصحيح.
لقد أنشئت منظمة السياحة العالمية كمنظمة حكومية دولية مدمجة كليًا في منظومة الأمم المتحدة كواحدة من وكالاتها المتخصصة، ولها دور مركزي وحاسم في كل القضايا السياحية.
وعلى ذلك تعد المنظمة الوسيلة القادرة على توفير كافة البيانات الضرورية والدراسات والتمويل والدعم التقني والمعنوي والمادي للأعضاء، وكذلك تسويق المنتج السياحي للدول، وتقديم المشورة ومساندة الأفكار الجديدة، وتحديد مواطن الضعف ومعالجتها، ومعرفة الخطر والتحذير منه.
يتبع…
حفظ الله شعوبنا العربية

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights